تحليل

رأي مغربي في الوضع الجزائري

عبد الرحمان شحشي

ما يحدث في الجزائر اليوم من تطورات سياسية واجتماعية جعلت الدولة الجارة محط أنظار العالم على مدار الساعة ومادة دسمة في القنوات الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي؛ ولكن ما هي تداعيات الوضع الجزائري الراهن على دول الجوار، وعلى رأسها المغرب؟ وما موقف هذا الأخير من القضية الجزائرية؟

من الناحية القانونية، لا يمكن للمغرب أو غيره من الدول تقييم الوضع الجزائري الحالي، أو تقديم تصريح رسمي بشأنه، وإلا اعتبر ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة الجزائرية؛ فقضية ترشيح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة شأن داخلي يهم الجمهورية الجزائرية، والشعب الجزائري وأطيافه الحزبية ونخبته السياسية.

ولكنني باعتباري مواطنا مغاربيا يهمني تتبع تطورات القضايا المغاربية الراهنة والتي تحتل فيها أحداث الجزائر الواجهة.. وعلى الرغم من المواجهات التي وقعت معي شخصيا مع باحثين وباحثات جزائريات في مؤتمرات علمية وتموقفهم من القضية المغربية العادلة، فإنني لا أحب أن يتكرر النموذج السوري أو الليبي في الحالة الجزائرية، أولا بحكم الجوار، وثانيا بحكم تأثر الوضع الأمني بالمغرب بمحيطه.

إن التهديدات الأمنية والمخاطر الخارجية يكون في الغالب مصدرها الجار، وقد لاحظنا كيف أن الجارة الجزائر ونظرا لشساعة الحدود الفاصلة بين ترابها الوطني والتراب المغربي، وعلى الرغم من الجنود والعساكر المرابطين في الجانبين فإن هذا لم يمنع من تسلل المهاجرين غير الشرعيين نحو المغرب أملا في العبور للضفة الأخرى، فكيف نتصور الوضع في حالة حدوث هزة أمنية في الجزائر؟

إن المغرب ليس في مصلحته نشوب الفوضى في الجمهورية الجزائرية أو حصول انفلات أو انقلاب أمني؛ فجزائر قوية بأجهزتها ومؤسساتها ومحصنة في حدودها خير من جزائر منهارة وحدودها مفتوحة على كل الاحتمالات.

إن السياق العام لما يقع في الجارة الجزائر لا يمكن عزله أو فصله عما يحدث في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من تحولات وتغيرات سياسية واجتماعية كبرى، وما سمي "ربيعا عربيا " حتى أصبحت الجزائر والمغرب تشكلان الحلقتين المستعصيتين والاستثناء في المنطقة المغاربية.