فن وإعلام

ابراهيم الحيسن يوقع كتابيه بالرباط

كفى بريس

بتنسيق مع مديرية الفنون بوزارة الثقافة والاتصال- قطاع الثقافة، واستئنافاً لبرامجها وأنشطتها الفكرية والجمالية، نظمت جمعية الفكر التشكيلي حفل توقيع كتابين من إصدار الناقد ابراهيم الحيسن ونشر جمعية أصدقاء متحف الطنطان لعام 2018، وذلك مساء الخميس 07 مارس 2019 برواق محمد الفاسي في الرباط.

في مستهل هذا اللقاء، الذي حضرته وتابعته نخبة من الفنانين والكتاب والمثقفين، ألقى رئيس جمعية الفكر التشكيلي الفنان محمد المنصوري الإدريسي كلمة افتتاحية رحب في بدايتها بكل الحاضرين ومبرزا السياق الذي يندرج فيه اللقاء استئنافا لأنشطة ومنتديات الجمعية بتنسيق مع مديرية الفنون. كما أشار المنصوري في كلمته إلى الخطوط العريضة للبرنامج الثقافي والفني لجمعية الفكر التشكيلي خلال العام الحالي والذي يشمل معارض تشكيلية ومحاضرات وندوات تداولية في الفنون البصرية وتوقيع إصدارات جديدة بمشاركة فنانين ونقاد مغاربة وأجانب. وأشاد رئيس الجمعية بجهود الناقد ابراهيم الحيسن ليس فقط من خلال كتابيه اللذين تم توقيعهما خلال اللقاء، ولكن أيضا من خلال ما راكمه من أبحاث ودراسات مرجعية سبق لجمعية الفكر التشكيلي أن طبعت إحداها، ويتعلق الأمر بكتاب "الأيقونة والجسد- نماذج من الفن التشكيلي المغربي" وكتاب "التشكيل والسينما- الغواية المفتوحة بين اللوحة والفيلم". كما نوَّه المنصوري في كلمته بالباحثين والنقاد والفنانين المشاركين الذين الذين منحوا اللقاء قيمة مضافة.

تمحور التوقيع الأول حول كتاب "الكاريكاتير في المغرب- السخرية على محك الممنوع". تأطير: الباحث والإعلامي بوشعيب الضبار مقدَّم الكتاب بمشاركة الرسامين المبدعين: العربي الصبان وابراهيم لمهادي.

وأشار الباحث الضبار إلى أن مؤلف الكتاب سخَّر كل جهده، كباحث وناقد وفنان تشكيلي ممارس، من أجل إصدار هذا العمل، الذي يشكل وثيقة  سوف تعزِّز  مكتبة الكاريكاتير، التي تشكو من قلة المصادر، وندرة المراجع التي يمكن الاعتماد عليها للتأريخ للبدايات الأولى لهذا الفن المشاغب، على يَدِ الرواد، وما أعقبها من امتدادات حتى الآن بفضل الأجيال الجديدة الباحثة عن مساحات أوسع لحرية التعبير، على أعمدة الصحافة، بعيداً عن الحدود والقيود..مضيفا بأن هذا الكتاب جاء في توقيته تماماً، بعد أن أصبح من اللافت للانتباه، ما يسجله الرسم الصحافي الساخر، في السنين الأخيرة، من حضور متزايد في الصحافة المغربية، مكتوبة وإلكترونية، وفي مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي  يعني، في ما يعنيه، أن هناك وعياً بأهمية هذا الفن الذي استطاع أن يفرض نفسه من خلال تفجيره لمجموعة من الملفات المسكوت عنها، عبر تنوُّع التجارب، وتعدُّد التعبيرات والأنماط والأساليب الفنية.

ليتناول الكلمة بعد ذلك الرسامان الرائدان العربي الصبان وابراهيم لمهادي اللذان تحدثا عن تجربة الكاريكاتير في المغرب مبرزين ظروف نشأته وولادته مع ما رافق ذلك من إكراهات وصعوبات تم تجاوزها بفضل إصرار الرسامين المؤسسين وما تلاهم من رسامين شباب، إلى جانب حديثهما عن صحافة الكاريكاتير في المغرب سواء منها الصحف الساخرة الرائدة (أخبار الدنيا، الكواليس، أخبار السوق، التقشاب، الأسبوع الضاحك، أخبار الفن..)، أو الصحف الساخرة الجديدة (جريدة "بابوبي"، ملاحق ساخرة بصحف يومية..). وخلص اللقاء إلى استصدار توصيات وتدابير دعت إلى توثيق الرسم الكاريكاتيري في المغرب ودعم مبدعيه وتحفيزهم على المزيد من البذل والعطاء والإنتاج.

أما الكتاب الثاني "الإستشراق الفني في المغرب- أيقونوغرافيا مُغايرة" الذي قدَّم له الناقد التونسي فاتح بن عامر، فقد أطره الباحثان الجماليان محمد الشيكَر وحسن لغدش حيث أبرزا المنهجية المتبعة في إنجازه وخوضهما في ثناياه ومحتوياته، إذ تضمَّن أربعة أقسام، خُصِّص الأول منها لمفهوم الاستشراق ومجاله الفني (لاسيما الرسم والتصوير)، ويشمل تعريفات متعدِّدة للاستشراق والاستشراق الفني.

كما تحدثا الباحثان عن القسم الثاني بما رسمه من خرائط التصوير الأجنبي في المغرب، بدءاً من رسامي البورتريهات والخرائط والصور الإيضاحية الأوائل الذين تعود أعمالهم الفنية إلى مطلع القرن السادس عشر، مروراً بتجربة أوجين دولاكروا بإستيهاماته الرومانتيكية وهنري ماتيس بصوره المفعمة بالأرابيسك، وفي ما بعد دوفي وماريانو بيرتوتشي ملوِّن دروب تطوان وجاك ماجوريل مهندس قصبات الجنوب..وغيرهم من الرسامين الذين وثقوا ارتباطهم بالمغرب. واستكمالا لذلك، تمَّ التطرُّق لموضوع صورة المغرب من خلال البوستر الاستشراقي الذي ساهمت في طباعته ونشره مؤسسات وشركات أجنبية كثيرة تُعنى بالملاحة البحرية والسكك الحديدية والنقل الجوي والسياحة بالمغرب.

كما تم التطرق إلى جانب من الكتاب همَّ مسارات الدرس الجمالي بمدرستي الفنون الجميلة بتطوان والدار البيضاء بما يُمَيِّزهما من تباين إبداعي وبيداغوجي كان له وقع كبير وواضح في رسم معالم التوجه التشكيلي (الإسباني) في الشمال القائم على التشخيص وإبراز المادة المجسَّمة، بخلاف نظيره (الفرنسي) بالجنوب المعتمد على التجريد وحرية الانتشار الخطي واللوني على مسطح اللوحة. هذا إلى جانب الحديث عن محاولة "جماعة 65" بخصوص مساءلة التراث الفني الاستعماري وتبنِّي خطاب الهوية والعودة إلى الجذور باعتماد أرضية بيداعوجية.

وخلص اللقاءان إلى فتح باب المناقشة حول وضعية الرسم الكاريكاتيري في المغرب وسبل تطويره بما يليق بجهود الرسامين، وكذا حول التجربة الاستشراقية التي عاشها المغرب في المجال الفني والملأى برسومات وتصاوير عديدة أنجزت بأساليب إبداعية متباينة عكست جوانب من ثقافة وتراث المغاربة.

في الختام، بادرت جمعية الفكر التشكيلي إلى تكريم الرسامين الرائدين العربي الصبان وابراهيم لمهادي ومنحتهما تذكارات رمزية تقديرا لفنهما وجهودها الإبداعية الراقية التي أغنت المشهد الفني المغربي وشرفته في أكثر من مناسبة.

وقد ثمَّن الحاضرون هذا اللقاء مؤكدين على استمرارية أهمية مثل هذه الأنشطة الجادة بما يفيد ويخدم الساحة الفنية والثقافية الوطنية راهنا ومستقبلا.