رأي

عبد المجيد مومر الزيراوي: هَلْ أَتَاكُم بلاغ تنظيم " العدل و الإحسان " ؟!

خَرَجَ عَلَيْنَا ما يُسَمَّى تنظيم " العدل و الإحسان " عبر بلاغ جاء ضمن صياغتِهِ ما يلي : "  أقدمت السلطات المغربية صباح يوم الثلاثاء 5 فبراير 2019 على إغلاق وتشميع بيوت ثلاثة أعضاء من جماعة العدل والإحسان بكل من مدن الدار البيضاء والقنيطرة وأكادير، بعد اقتحامها بشكل متزامن من قبل أجهزة أمنية بمختلف تلاوينها بأسلوب عنيف وفي خرق للمساطر القانونية. وقد بادرت منابر إعلامية معروفة بقربها من أجهزة الدولة بنشر العديد من المغالطات والاتهامات لتبرير هذا الانتهاك الشنيع ".

و بالتالي ، فلا بأس من تذكير فلول تنظيم الخرافة الياسِينيّة العاملين على القومة التَّرهيبيَّة ، بقول أمير المؤمنين علي -رضي الله عنْهُ - في خُطبتِه البليغة : " فَقَدْ جَرَّبْتُمُ اَلْأُمُورَ وَ ضَرَّسْتُمُوهَا ، وَ وُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ ضُرِبَتِ لَكُمْ اَلْأَمْثَالُ ، وَ دُعِيتُمْ إِلَى اَلْأَمْرِ اَلْوَاضِحِ .فَلاَ يَصَمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَصَمُّ وَ لاَ يَعْمَى عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَعْمَى، وَ مَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ اَللَّهُ بِالْبَلاَءِ وَ اَلتَّجَارِبِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ اَلْعِظَةِ وَ أَتَاهُ اَلتَّقْصِيرُ مِنْ أَمَامِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ وَ يُنْكِرَ مَا عَرَفَ ، فَإِنَّ اَلنَّاسَ رَجُلاَنِ مُتَّبِعٌ شِرْعَةً وَ مُبْتَدِعٌ بِدْعَةً لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّةٍ وَ لاَ ضِيَاءُ حُجَّةٍ " .

و لأن المناسبة شرطٌ ، فلا بد لنا - كإختيار حداثي شعبي - من تجديد النصيحة لِفُلُول الخرافة الياسينيَّة عبر  المزيد من التَّبْيِّينِ و التِّبْيَانِ لِتَعْرِيَةِ مرجعية الإرهاب الواردة ضمن الأرضيات التأسيسية لتنظيم " العدل و الإحسان " غير القانوني ، و ضمن عبارات الجهالة عند دائرة الإفتاء السياسوي ، و كذلك ضمن بلاغات الضلال المُنْبعِثَة من مُكَعَّبِ الإرشاد . دون أن نغفل عن ألاعيب أتباعهم من المُتَسَلِّلاَّت والمُتَسَلِّلُّين إلى منظمات المجتمع المدني العاملة بأقنعة إحسانية أو حقوقية خدمة لنفس الأهداف التخريبية.

فَالجماعة المعلومة موعودةٌ بالقَوْمَة التَّرْهِيبِيَّة تبعاً لِمنهاج خرافة عبد السلام ياسين،  و الذي يَدَّعِي أنَّ الله سبحانه كَلَّفَ تنظيم " العدل و الإحسان " أن يُقَاتِل في سبيله وسبيل المستضعفين. فعَيْنُ " التنظيم " الواحدة على سنتِه وسَوْطِ قَدَرِه، والعينُ الأخرى على التماس أسباب القوة الحسيّة والمعنوية لتغيير موازين القوى لِصالِحِهَا.

وعلى سبيل المثال - لا الحصر -  نُورِدُ هذه "التحذير التَّرْهِيبِي" الذي سبق أن أطْلَقهُ المُسَمَّى قيد حياتِه عبد السلام ياسين،  الأب الروحي و المرشد " الدائم" لِتنظيم " العدل و الإحسان " الذي يَدَّعي السِّلْمِيَّة ونبذ العنف . و ذلك خلال المجلس الثالث والثلاثون من سلسلة دروس "المنهاج النبوي" التي ألقاها بتاريخ 9 جمادى الثانية 1402 الموافق لـ 4 أبريل 1982، حيث قَالَ يُرْهِبُ كُلَّ مَنْ يُعارض ما سمَّاه " المَد الإسلامي"  لِتَنْظِيمِهِ : " احذروا أَنَّكُم إنْ لمْ تَتَعلَّموا كيف تَتَعاملون مع هذا المدِّ الإسلامي الذي لا يُقاوِمُهُ وَلا يُحاول مُقاوَمَتُه إلاَّ جاهل، لأَنَّه أَمْرٌ من أَمْرِ الله فَلَنْ يُوقف أمرَ الله شيء، وإنْ وَقَفْتُم ضدَّ المَدِّ الإسلامي سَتَخُوضُون الزوابع والانفجارات والدَّمَار المُحَتَّم".

هكذا نصارحُهم بالقول السَّديد و الشَّديد قصد التمعن في فسادِ عقيدتِهم الدينية-السياسوية التي إِنْبَنَت على " فَدْلَكَة " خليط أُشَابَة الأيديولوجيا الحزبية لتنظيم الإخوان و جماعة المودودي ، و أيديولوجيا نظام ولاية الفقيه الخميني ، و صوفية الإبتداع الغارقة في وَحْل تَسْيِيس الأحلام الخرافية.

و لعلَّ هذا التشبيك الثلاثي الضَّال يخالف حقيقة المنهاج النبوي الذي يَتَبَجَّحُ بمشروع خِلافَتِه ما يُسمى تنظيم " العدل و الإحسان" . فلا يمكن لعاقل ، ذو عقيدة سليمة تصديق كُل هذا العبث الفقهي السياسوي الذي يتلاعب بالمترادفات اللغوية و يتحايل بالآيات القرآنية قصد نيل لقب " الإمام المُجَدِّدَ ". لأن منهاج الرسول المعلم محمد الصادق الأمين بريء من هذا التجَدُّد الخرافي المُؤَسَّس على تَلْبيسَات إبليس، و التي يحاول من خلالها دهاقنة تنظيم " العدل و الإحسان "  ركوب موضات مُتقادِمَة قصد الوصول إلى شاطئ السلطة عبر القومة الترهيبيٍَة ، ثم التمكين لمرحلة الحكم غير الراشد .

تِلْكُم - إذن - بعض فُتوحاتِ عقيدَة تنظيم " العدل و الإحسان " ، و التي لا تتوانى عن تسفيه الملائكة  و تَقْييد المَلَك جبريل عليه السّلام ضمن لائحة كَوَادِرِ تنظيم الخرافة الياسينِيَّة، مع إقحامِه كَطَرَف في الصراع السياسوي  ، و استخدامِه كوسيلة للشحن المعنوي و تَجْيِيش وجدان المريدات و المريدين بالتَّمَايز الملائكي و التَّمييز العقائدي عن باقي مكونات الشعب المغربي .

و رغم أنَّ جبريل عليه السلام نزل بالوحي المُبِين على خاتم الأنبياء والمرسلين بأمر خاص من رب العالمين . فإن أتباع تنظيم " العدل و الإحسان "  بِكُلِّ قِلَّةِ حَيَاء ، يُتحِفونَنَا -دومًا و أبدًا- بالترويج لِخُرافة نزول جبريل في مَسيراتِهم و اصْطِفافِه إلى جانب معسكرهم السياسي مع مَدِّهِم بتمورٍ حلوة المذاق و هم يحملون " كتاب ياسين "  ؟! .

رُبَّمَا يُدرك عبد السلام ياسين ، وَ جسدُه اليوم مدفون في قبرِه ، أنه قد أَخْطَأَ حين قام بالتأصيل الخرافي لِلقَوْمَة الدُنْيَوِيَّة " الموعودة " ، و حين قام بِأَدْلَجةٍ سياسويةٍ عنيفةٍ لآية قرآنية كريمة تنطلق من أمر ربَّاني بالعدل و الإحسان ، و تحوِيلها إلى أيديولوجيا سياسَوِية نَسَفَت أسباب نزولها نَسْفًا ، بل جرَّدتها من جوهر غاياتها الإيمانية العظيمة.

و لرُبَّمَا قد أدرك عبد السلام ياسين ، ساعةَ نزولِ هَازِم اللَّذَّات عزرائيل عليه السلام ، أن جماعتَهُ المريضة أَصابَها ذاك الدَّاء الذي وَصَفَهُ بالقول : " ما يكون الوجود الاستعراضي للحركة الإسلامية في الشارع والجوامع إلاَّ ضربًا من الدعاية المُضَادَّة إن كان "جند الله" يحملون اللقب زورًا ، إن كانت الأمراض القلبية والنفسية واللسانية والأخلاقية مُعَشّشَة تحت الجلباب واللحية والقميص ...".

بَلْ ...  يَا لَيْتَ المُسَمَّى قيدَ حياتِه عبد السلام ياسين أَدْرَكَ - قبل قَبْضِ رُوحِهِ - وقائع الفشل الذريع لِمنهاج التربية الخُرافيّة الذي إعتمدَه ، و أضاع في سبيل زُخْرُفِه الدنيوي سنين عمره الطويلة. مُتَّبِعًا هَوَاهُ الذي أَضَلَّهُ في محاولة استنساخ العنف القاتل المُغَلَّف بالتجدُّد الحاكمي ، مُستَلْهِماً تجربة سلفه سيد قطب بالمشرق الذي كتب كالتالي : " وهذه المُهمَّة، مهمة إحداث إنقلاب إسلامي عام غير منحصرة في قُطْرٍ دون قُطْرٍ ... يَحْدُث هذا الإنقلاب الشامِل في جميع أنحاء المعمورة، هذه هي غايته العليا ومقصده الأسمى الذي يطمح اليه ببصره . إلاَّ أَنَّهُ لا مندوحة  لأعضاء الحزب الاسلامي عن المشروع في مُهمَّتهم بإحداث الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يَسْكُنونَها ".

*رئيس الإختيار الحداثي الشعبي