رأي

محمد امين بنيوب: في فهم أعطاب التنظيم النقابي الفني الوطني..

أذكركم لا أصفي حسابات مع أي تنظيم نقابي فني ولا  أشخصنه.. إنما أساجل كفاعل مدني  وكمبدع مسرحي لاغير..

كنت دائما أقف مشدوها أمام الانشقاقات التي تحصل في الكتل النقابية والسياسية والمدنية أيضا.غالبا لايكون الإنفصال عن الأصل، آت من صراع في التوجهات والإختيارات والمذاهب. لكن في التجارب المغربية تتم القطيعة بوهم حركة تصحيحية مذهبية [ الاستتناءات قليلة] مغلفة بوهم الزعامة وفكرة الانقاد المشروع المجتمعي .كل الشواهد تؤكد أن أحزابا كبري ونقابات عمالية، رفعت شعار الوحدة والديمقراطية والجماهيرية.نفس الشعار يعلق في المقاصل وعلى بقاياه وأفوله تبعث زعامات أكثر سلطوية لتخرج منها بعد حين ،حركات تصحييحة هي الأخرى تحمل لواء الشعارات البائدة وتسوغ مغادرتها، بانعدام الديمقراطية وتسلط الزعامة الوراثية.ولنا في تجربة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل مثال حي يقتدى به.

 ودعت الاتحاد المغربي للشغل الذي كان ينعث من يحكمه بالإتجاه البرصوي( ليس فريق البارصا بل من مفهوم البورصة والاحتكار الرأسمالي ) ومن قبعة  كدش   خرجت الفيدرالية الديمقراطية للشغل وبقدرة قادر سقطت من أفولها المنظمة الديمقراطية للشغل. هذه الأخيرة كانت بحاجة لغطاء سياسي.فكان لها ما أرادت إسوة أخواتها المشاغبلات ..

تاريخ العمل النقابي بالمغرب، يحتاج لدراسة علمية يتقاطع فيها السياسي بالسوسيولوجي والثقافي بالنفسي. هو في نهاية الأمر، تاريخ انشطاري تجزيئي. من عوائقه تعدد الزعامات والشعارات والبرامج والبدائل ومن نتائجه ضعف التأطير النقابي وتقزيم المطالب النقابية في مكتسبات ضعيفة وفقدان القدرة التفاوضية. ويبقي الأجير النقابي المنخرط وغير المنخرط، مجرد عدد للمزايدة و وتسخين  للطرح التكتيك المرحلي حسب سياق المرحلة. سياق سياسي، سياق اانتخابي وسياق أزمة اجتماعية، سائرة نحو الحل التفاوضي أو من يجر خيوطها نحو التعقيد والانفجار.

مامعنى أن يكون لقطاع اتنعليم والصحة والجماعات المحلية، أكثر من سبع نقابات بنفس المطالب، حتى حسبت أن لكل مواطن مغربي جنسيات مختلفة وكل تكثل مختص في جنسية محددة حسب الانتماء النقابي وسلة مطالبه.

لماذا هذا الكلام؟؟ وما الغاية منه؟؟ ولماذا نؤسس النقابة؟؟

فأنا لست ضد العمل النقابي.  لكن الكتل النقابية الفنية التي تأسست مع  آواسط 90 من القرن الماضي وجدت في بناء تجربتها هذه الثقافة النقابية المبنية على التعددية والتمثيلية وشخصنة الزعامة ، كما أن جل الدساتير المغربية منذ سنة1962 حتى دستور 2011. تصون هذا الحق التعددي والتمثيلي.

 لقد بدأ الحقل الفني قويا في ترصيص صفوفه وتنظيم هياكله ووضع أجندات مطلبية تفاوضية ،حول مشروعية المهن الفنية وتقنين مجالات ممارستها والدفاع عن حقوق ممتهنيها والاستفادة من نتائجها وملأ رقعة مجتمعية كانت تستغل بطرق فردانية  وتحت يافطات زعامات، تدعي المشروعية التاريخية  الدفاع عن المهن الفنية وتستولي على خطاب ممزوج بالاستجداء  والنحب وقضاء المنافع الخاصة.

 لكن مع حكومة التناوب سنة 1998 . شهد تأسيس نقابات جديدة في مجالات الموسيقى والتشكيل و خاصة المسرح  (  نقاباتان مسرحيتان وبعدها الفدرالية المغربية للفرق المسرحية الاحترافية).

أسس خطاب المنشأ، بدعوى حركات تصحيحية تحارب الانتهازية والتسلط والريع والتبعية لجهاز حزبي.....إلخ. وآخرها  نقابة مسرحية خرج أفرادها من النقابة الأم، متكئين على نقس الدواعي والمسببات...دائما قبعة الساحر تظهر مع سياق سياسي جديد ومع  مسوغ خطاب تبريري.

دائما كنت أدافع من داخل النقابة المغربية لمحترفي المسرح  كقيادي سابق والتي ساهمت في تحويل اسمها إلى النقابة المغربية لمهن الدرامية في آخر محطة لي بالعمل النقابي (بوزنيقة 2016). كنت أدافع بشدة على الوحدة النقابية في المجال المسرحي. فأوضاعنا المهنية والفنية تختلف جذريا عن أوضاع شغيلة التعليم والصحة  والموانىء والسكك الحديد...فنحن قلة نوعية و لا نتوفر على أجهزة إنتاجية  منتظمة ومؤثرة، لممارسة  كل أشكال الضغط على الفاعل السياسي. لكن تبقى الأداة الناجعة والمفتاح النفاوضي، هو الجهاز النقابي الممثل للمهن الدرامية في محتلف مواقع الانتاج الفني. الفكر النقابي الفني الغربي، قوي بفضل وحدته النقابية النموذجية والفاعلة

يبدو لي مع هذا التعدد النقابي الفني، يصعب التفاوض والترافع حول كل القضايا الفنية.ويبقى مشروعية كل جهاز نقابي فني في مدى تجديد  بنياته النقابية الداخلية  وتطوير أساليب النضال التفاوضي مع منطومة وأجهزة الدولة.

 فقط لاتبنوا خطابا سوداويا وكأن شيئا لم يؤسس. هناك مكتسبات حتى ولو كانت ضئيلة، فهي في نظري جوهرية. كل نقابة فنية ولدت، عليها أن تؤسس مشرعيتها على رهانات فنية وقضايا مهنية وخارطة طريق تفاوضية تكتيكية واستراتيجية مبنية على أوجه الصراع في مختلف أضداده.

 أما خطاب الريع والرشوة الذي أسمعه من كل الاتجاهات . فقضاة السيد إدريس جطو  رئيس المجلس الأعلى للحسابات، يدركون جيدا منبع ماليتنا وطبيعة ممتلكاتنا و تنوع أرصدتنا ويعرف جيدا من له سقفا من قش وتراب ومن له عقارات وقصور وفيلات وكيف بنيت و واقتنيت. هل من قرض بنكي خاص أم من وسائل أخرى؟؟

فالدولة تعرفنا جيدا وتحصي أنفاسنا. لاتحجبو قضايا المهنة والمهنيين بغربال مترهل ومثقوب. اتركوا القضاء المستقل يقوم بعمله. فه كفيل بالكل...

قبل الختم . التقيت أصدقاء  من عشيرتي المسرحية. واقترحوا علي تأسيس نقابة مسرحية. تأملتهم جيدا. ضحكت. ريما ستكون الكنفدرالية المغربية للمهن الدرامية.

 وسأبحث من يمولها.لكن ماهو مسوغ مشروعيتها التنظيمية ومرجعياتها الفكرية ومن هم صناعها وقادتها؟ قلت لهم بالحرف الناصع. لاأهدم بيتا صنعت أساسه. فإما أغادره دون رجعة  أواترك مسافة لأعودإليه  ولاأحد يجبرني على العدوة. حريتي الفردية وقناعتي هي سندي في كل اختياراتي وانتماءاتي .. وليفتح السجال الموضوعي والمهني ....محبتي الصادقة..