فن وإعلام

إدريس اليزمي... الوعـي بـتقديـم المرأة بالشـكل الـذي يليـق بهـا في وسـائل الإعلام لـن يتأتى إلا بالرجوع لمقتضيات وروح دستور 2011

كفى بريس

ثمن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، المجهودات التي يبذلها المغرب في هذا الإطار سواء على المستوى التشريعي.

وقال اليزمي في كلمة ألقيت في إفتتاح ندوة "تنزيل المقتضيات القانونية الخاصة بصورة المرأة في الإعلام" إن اهتمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذا الموضوع يندرج في إطار مهامه الرامية لحماية والنهوض بالحقوق الإنسانية للنساء كمكون فاعل في البناء الديمقراطي للمجتمع المغربي. فقد دأب المجلس، منذ تأسيسه، ووفق الاختصاصات الموكولة له على جعل موضوع المساواة ومناهضة التمييز المبني على الجنس ضمن أولوياته وذلك انسجاما مع دوره كمؤسسة وطنية في مواكبة إعمال المقتضيات الدستورية ورصد للسياسات العمومية ذات الصلة وبناء فضاءات للنقاش العمومي حول مناهضة التمييز القائم على النوع الاجتماعي.

وشدد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على "...ما للإعلام من دور جوهري في تكوين الرأي العام وبكونه أداة فعالـة للتغيـير، حيـث يسـاهم بشـكل مؤثـر في التأثير في السلوكيات والتمثلاث المجتمعيـة ونشر الوعي وتعزيـز القيم وكذا تصحيح المفاهيـم. فالإعلام إضافـة إلى دوره التواصلي والإخباري. له من الامتداد والتأثير ما يجعل منه سيفا دو حدين، حيت يخترق كل البيـوت ويسـتهدف كل شرائح المجتمع وبالتالي تناط به أدوار أخـرى تربويـة وتحسيسـية وتثقيفيـة للمجتمع وترسيخ ثقافة مجتمعية مبنية على المساواة وتكافؤ الفرص."

وأضاف اليزمي، أن المشرع المغربي واكب "هذه الغايات حيت ركز في مجموعة من النصوص على ضرورة تحسين صورة المرأة في الإعلام وتعزيز حضورها في البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذا تخصيص برامج خاصة لقضايا النساء. فركز القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، ولا سیما المادة 2 منه التي دعت إلى تدعيم قيم الديمقراطية والمواطنة والحرية المسؤولة والكرامة والتضامن والمساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمشاركة والحداثة والسعي إلى تحقيق المناصفة والنهوض بمنظومة حقوق الإنسان ومناهضة كل أشكال التمييز، وفق الدستور والالتزامات الدولية للمغرب؛"

وعن دفتر التحملات الخاص بالشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، حث اليزمي على ضرورة "تعزيز روابط الأسرة وتقوية تماسكها واستقرارها والنهوض بحقوق المرأة وكرامتها وتحسين صورتها وحماية حقوق الطفل والجمهور الناشئ وتلبية حاجياته" (المادة 2.). وتم التنصيص في نفس الوثيقة، على اعتماد ميثاق أخلاقيات يذكر بمجموع القواعد الأخلاقية المعمول بها عموما والمؤطرة لمختلف أنواع البرامج التي تبثها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، خصوصا منها القواعد المترتبة عن دفتر التحملات، مع إفراد قسم خاص لمقتضيات ذات علاقة بتحسين صورة المرأة وتحديد الصور السلبية الواجب اجتنابها وقسم آخر خاص بحماية الجمهور الناشئ.( المادة 191).

وفي هذا النطاق أصدر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بتاريخ 7 يونيو 2018، قرارا جديدا تحت رقم 20.18، يتيح للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري تنظيم التعبير التعددي لتيارات الفكر والرأي في خدمات الاتصال السمعي البصري خارج فترات الانتخابات العامة والاستفتاءات، حث فيه على تفعيل المناصفة بين النساء والرجال في البرامج الإخبارية، وإشراك المرأة في تناول سائر المواضيع ذات العلاقة بالشأن العام.

ولم يفت رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان التذكير بالإتفاقيات الدولية التي صادق علييها المغرب بهذا الخصوص، وهي "مجموعة من الصكوك الدولية القاضية بصون الكرامة الإنسانية للنساء ورفع التميز المبني على أساس الجنس، على رأسها الاتفاقية الدولیة للقضاء على جميع أشكال التمییز ضد المرأة و التي تنص على حضر جميع أشكال التمييز لاسيما الغير مباشر منها وكذا إعلان فيبنا المنبثق عن مؤتمر فيينا لسنة 1993 و الذي أكد على أھمیة الحیاد الإعلامي وعلى وجوب استئصال جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الخفية منها والعلنية علي السواء (المادة 39 ).

وعلاقة بالحضور النسائي في البرامج سواء على المستوى النوعي أو الكمي، قال اليزمي أنه حسـب التقاريـر الصـادرة عـن الهيئـة العليـا للاتصال السـمعي البصـري لم تتعدى نسبة مشاركة الشـخصيات العموميـة النسـائية فـي النشـرات الإخبارية فـي مجموع وسـائل الاتصال السـمعي البصـري 11.93 في المائة سـنة 2016، مقابـل 10.05 بالمائـة سـنة 2015، و5 بالمائـة سـنة 2013.

ولا يختلف الأمر كثيرا على المستوى الدولي، حيث أظهرت دراسة أجريت في أكثر من 100 دولة أن 46 في المائة من الجرائد والراديو والتلفزيون تحتوي على صور نمطية وفقط 6 في المائة من المقالات تبرز المساواة بين الجنسين.

وبالنسبة لتبوء مناصب القيادة في الحقل الإعلامي، فأبرزت الدراسة أن الرجال يشغلون 73 في المائة من المناصب الإعلامية العليا (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة).

إدريس اليزمي ختم كلمته بالتأكيد على ضرورة الوعـي بـتقديـم المرأة بالشـكل الـذي يليـق بهـا في وسـائل الإعلام لـن يتأتى، إلا بالرجوع لمقتضيات وروح دستور 2011 والإسراع بتنزيل مقتضياته خاصة منها إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة اشكال التمييز كآلية دستورية للحماية والرصد والتوثيق والعمل على إذكاء الوعي لدى المتدخلين المعنيين عبر التكوين والتحسيس والتثقيف. وبهذه المناسبة أود التذكير بدور المعهد الوطني للتكوين في مجال حقوق الإنسان - ادريس بنزكري في تقوية قدرات ومواكبة الفاعلين المؤسساتيين والإعلامين في المجال، وهو الرافعة التي من خلالها يعمل المجلس على خلق دينامية تمكن مختلف الفاعلين من تملك مبادئ وقيم وثقافة حقوق الإنسان في بعدها الكوني والشمولي.