هكذا تحوّل "الخليع" من مجرد اسم إلى واقع في سيدي بولقناديل

المصطفى كنيت

تحول فيلم "الخليع" من مجرد تأخير لهذا القطار أو ذلك، مع ما يرافق ذلك من ضياع لمصالح المسافرين، و من مجرد حالة متردية للمراحيض والمقصورات، إلى حرب تُقطع فيها الرؤوس والأيادي والسيقان بلا شفقة.

ونجح "الخليع" في تحويل إسمه إلى حقيقة، ستجعل المسافرين يضعون أياديهم على قلوبهم كلما ركبوا القطار، كما نجح في إثبات حقيقة أن القطارات تتأخر بالفعل، وليس مستعملوها الذين لا يحضرون في الوقت، كما في إروبا، حيث القطار يأتي ـ دائما ـ في موعده.

و أكثر من ذلك، فقد نجح "الخليع" في الاستمرار في موقعه على رأس المكتب الوطني للسكك الحديدية، و استعصى على الوزراء الذي تعاقبوا على وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك في أربع حكومات متعاقبة، إزاحته من موقعهّ، الذي يبدو أنه متسمك به "شدت العمى في الظلمة"، وهو الظلام الذي يجعل من "الخليع" لا يتحسس إلا نفسه، و لا يرضي إلا أنانيته، أما المسافرون فـ "طز" فيهم مادام احتجاجتهم على رداءة خدمات قطارات تتأخر كل يوم... متسخة.... تفوح من مراحيضها الروائحة العطنة، و تنتشر بمقصوراتها الأزبال والقذورات، و لا تشتغل أجهزة التكييف بها في عز الحر،  لم تفلح في تغيير شيء في واقع يجعل المواطنين مرغمين على ركوب قطارات غير مريحة وغير آمنة.

و خلال كل هذه المدة الطويلة، لم يحقق المكتب الوطني للسكك الحديدية إلا الأرباح، التي يعلن عنها "الخليع" كل سنة، بعد اجتماع مجلس الإدارة، وهي أرباح لم تنعكس قط على جودة الخدمات، مادامت أعداد المسافرين في ارتفاع.

في هذه الحالة، سيكون على مسؤول يحترم نفسه، ويقدر المسؤولية حق قدرها، أن يقدم استقالته أو يطلب إعفاءه من مهامه، مادام فريق عمله من مهندسين وأطر عليا وتقنيين و مستخدمين فشلوا في تحقيق "الإزدهار" الذي يهلل به في بلاغات، اتضح دائما أنها تفتقر إلى المصداقية، لأنها تعتمد لغة الأرقام لا خدمة الإنسان.

 فمن الذي سيعوض العائلات المكلومة في أربابها وفلذات أكبادها؟

 ومن سيخلص الجرحى من الرعب الذي عاشوه، ومشاهد "الخليع"؟

الجواب ينبغي أن يقدمه لنا السيد "الخليع".