فن وإعلام

سي بوعشرين... الغربال الذي تريد به حجب شمس الحقيقة تحتاجه لغربلة قراراتك وأفكارك..

كفى بريس

حكمة السلف لم تترك للخلف ما يقال، وعندما قالوا أن الشمس لا يمكن حجبها بالغربال. فتلك حكمة موغلة في بلاغة الصورة أولا، وفي بلاغة الإستحالة ثانيا، وفي الحاجة إلى غربلة الأفكار قبل شيء، وهو ما يحتاجه توفيق بوعشرين حاليا وعاجلا وليس آجلا.

فالغربال الذي يريد أن يحجب به شمس الحقيقة الساطعة الملتهبة التي احرقت الكثير من الوجوه المظلومة، وهنا نشير إلى ضحاياه. لا يمكن إستعمال غربال المناورة والمراوغة من اجل تجاوزها إلى وقت الغروب. بل الغربال هنا من اجل تصفية الأفكار والقرارات المتخدة. تماما مثل قرار عدم المثول امام المحكمة، وهو قرار من الرعونة بحيث يظن العابر فوق أرض الاخبار انها مجرد فكرة نزقة ورغبة أخيرة في صبغ الحقيقة بلون قاتم لا يكشف ما خلفها. لكن الحقيقة شفافة جدا. وبوعشرين عليه أن يواجه الامر، وأن يدخل الغربال في رأسه كي يغربل بعضا من تلك الاوهام التي مازالت تعشش في داخله. اوهام من قبيل انه يمكن الإفلات من العقاب، افكار من قبيل ان كل هذا يمكن أن يصحو منه ذات صباح ويعود إلى يومياته العادية، يامر وينهي ووينصاع له من كانت رقابهم تحت رحمته.

وحتى لا نتهم بالتحامل على الرجل، لننظر من زاوية أخرى إلى قراره القاضي بعدم المثول امام المحكمة. زاوية أخرى اكثر قربا من الحقيقة، وهي أن الرجل يعيش لحظات مرة بكل المقاييس اثناء المحاكمة، لحظات لا يمكن ان يصفها إلا إحساس باللسع الكهربائي الذي يسري في جسده، كلما هم محامي الدفاع بالكلام، او كلما إلتقت نظراته مع نظرات ضحاياه أو اهلهن. لحظات غاية في البشاعة والقذارة يغوص فيها الرجل عند كل محاكمة.

هنا نقول أن الرجل "معه الحق" في أن يرفض المثول امام المحكمة، معه الحق في أن يرأف بنفسه قليلا، من سياط الحقيقة المؤلمة، وذلك الجلد الذي لا ينتهي ولن ينتهي إلا بأن يكون متفقا مع ذاته ويعترف بأفعاله. ساعتها فقط سينتهي الجلد العلني، ويبدأ الجلد النفسي الداخلي السري بينه وبين نفسه.

على هامش الهامش نقول لبوعشرين خلص نفسك من هذا العذاب ولا تتحدى الحقيقة..