فن وإعلام

مثقف مغربي يرفع سقف التحدي امام الوزير الاعرج... وهذا ما طرحه..

كفى بريس

رفع الباحث الأثري أبو القاسم الشبري، سقف التحدي امام الوزير الأعرج في رسالة قوية وجهها إليه مؤخرا. وعنونها " تشويه اللغة العربية في الإعلام المغربي. كل لغات الكون مقدسة" ثم ديل العنوان برسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة والإتصال ورئيسة الهيأة العليا للسمعي البصري.

الرسالة كتبت في 20 غشت المنصرم، وقال فيها الشبري موجها خطابه إلى الوزير الأعرج ورئيسة الهاكا "لقد حررت هذه الرسالة الرسالة قبل أن يطلع الشعب المغربي على مهازل بعض المقررات المدرسية المدججة بدارجة مغربية سفيهة. ولذلك لا تتناول رسالتي إليكما هذه المستجدات التي سأعود إليها في خطاب آخر، أكثر جرأة. وأرجو أن تقرآ رسالتي هذه بمعزل عن هذه المستجدات الخبيثة. فهذه مواقفي ثابتة أرقني نشرها لعدة سنين وقد أذاقتني أوجاع المخاض."

وأضاف أبو القاسم أنه يكتب رسالته للمساهمة في الدخول الثقافي والسياسي، وليس بغرض "التشويش والتشهير ولكن فقط لأن خطابي إليكما موجه عبركما إلى الحكومة والبرلمان وأعلى السلطات وإلى المؤسسات الثقافية والإعلامية والأحزاب والنقابات والجمعيات، والشعب قاطبة. وإلى التاريخ وللتاريخ"

الشبري فتح فوهة مدفع الإنتقاد بخصوص ما تعيشه اللغة العربية من تشويه في وسائل الإعلام المغربي ووذلك "بشكل ممنهج وبتخطيط إستراتيجي" حسب تعبيره. وقال أن رسالته هي للتاريخ و "ضد الإنحطاط اللغوي الإعلامي الذي اوصلنا إليه البعض من خلال التخلي الممنهج عن اللغة العربية الفصحى واستبدالها بدارجة عرجاء قيل إنها مغربية بينما يوجد في المغرب ما لا يقل عن ثلاثمائة لهجة/دارجة عربية، تضاف إليها شبكات الدارجة من داخل اللغة الأمازيغية. فعن أية دارجة يتحدثون"

ولم يكتف أبو القاسم بالتنبيه بل أضاف إليه التنديد "باستبلاد الشعب المغربي، ضد استبغال فكر المغاربة. فالدولة التي تحب شعبها تخاطبه بلغة راقية، عالَمية وعالِمة، حتى يتعلمها ويرتقي ولو دون مدرسة، ولا تهبط معه إلى الأسفل بلغة/دارجة مبتورة مشوهة يستحيل أن تمثل بلدا كاملا. وإذا كانت حجة "التدريج" هي أمية الشعب، فكيف لشعب أمي أن يقرأ مقالا أو لوحة إشهارية أو لافتة مكتوبة بالدارجة، بينما الأمي لا يفرق بين الألف والحبل ولا بين الواو و"الزرواطة" ولا بين اللام و"المُقراعة". وقمة السذاجة هي الادعاء بضرورة انفتاح البلد على العالم بينما يأتونه بلهجة محلية منغلقة مغرقة في الشوفينية والقبَلية الضيقة فلا تفهمها سوى قبيلتين أو ثلاث قبائل من بين مئات من قبائل المغرب. ويوم يتفق علماء المغرب وأكاديمية المملكة على تقعيد واحد موحد للدارجة المغربية الدامجة للأمازيغية والعربية معا، آنذاك يجب استفتاء الشعب في فرض الدارجة المغربية الموحدة في الدستور باعتبارها "اللغة المغربية الرسمية" للبلد، ومطالبة هيأة الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو بإدراج "اللغة المغربية" ضمن شبكة اللغات العالمية. وآنذاك تصير اللغة العربية لغة ثانوية، أو حتى أجنبية مثل باقي لغات الأمم الأخرى. في غياب هذا المعطى العلمي الأكاديمي، يكون من قمم البلادة والسذاجة والسخافة والدناءة اعتماد الدارجة في الإعلام وفي المدرسة. ولذلك لم يكن غريبا أن يحمل جاهل ومجهول، ساذج ومسذوج مشروع إطلاق الدارجة في التعليم. ونحن هنا ننطق عن معرفة فكرية سوسيولوجية أنتربولوجية تربوية عميقة."

وعبر الشبري من ممر مشروع إعتماد الدارجة في المقررات الدراسية حيث وصفه بالمشروع السخيف وزاد انه تم "تجنيد أحد رواد السذاجة لحمله" وخلص إلى ان "تشجيع الدارجة لا يمت بصلة إلى مناهج التربية والتكوين والبيداغوجيا ولا إلى علوم التواصل. ولا يحتاج كل ذي عقل راجح، أميا كان أو متعلما، ليتأكد من أن فكرة تدريج التعليم والإعلام تندرج ضمن مشروع إمبريالي صهيوني مُبيت، يفوق مبادئ وتوجهات وتوجيهات علان بن فلان. ولذلك يدرك الشجر والحجر والبقر أن إشاعة الدارجة تخطط وترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف" سماها الشبري بأهداف  "إمبريالية نبيلة" وحددها في

أ- تحييد اللغة العربية من ثقافة الشعب وممارساته اليومية في أفق تحييد الإسلام من ثقافة الشعب ومن معتقده الروحي.

ب- تحويل النقاش حول المسألة الأمازيغية، حيث إن إشاعة الدارجة تعني فقط الدارجة العربية.

ج- إعادة اللغة الفرنسية إلى توهجها المفقود وسطوتها الفكرية والتربوية والاجتماعية في المجتمع المغربي المفروض فيه التبعية الشاملة والمندمجة والمستديمة إلى فرنسا، الحبيبة أمنا. هذا التوجه الفرنساوي وذراعه الدعوي اللوبي الفرنكفوني لا يمتح من نفس المعين الذي ننهل منه نحن الفرنكفونيون الشرفاء المؤمنون بالحوار والتآخي والتبادل الفكري والعلمي والاقتصادي والتجاري، ندا لند، على قاعدة النخوة أولا ثم معادلة رابح/رابح.

وقبل الختم قال أبو القاسم الشبري مخاطبا الوزير الأعرج ورئيسة الهاكا "سيدتي، سيدي لقتل القط في يومه الأول، تيمنا بالقول المغربي المأثور، ورفعا لكل لبس ودرءا لتحريف منتحلي الدين وأدعياء الحداثة المعطوبة، أقول لكم إنني هنا أدافع وأرافع عن اللغة العربية ليس باعتبارها لغة دين أو لغة رسالة سماوية. ولا أدافع عن اللغة العربية دفاعا عن الدين لأن للدين نبيه وللدين رب يحميه ولا يحق لأي كان في الكون أن ينصب نفسه في ذاك المقام. أنا هنا فقط من موقعي التاريخي كمثقف مغربي، أمازيغي-عربي - إفريقي، متعدد اللغات المغربية والأجنبية ومستلهم للثقافات البشرية ومآثرها القديمة، مُسلم الفؤاد يساري العقيدة حداثي الهوى علماني الشريعة، أدافع عن اللغة العربية لذاتها، بما هي، باعتبارها لغة مقدسة لذاتها. فالعربية لغة مقدسة حتى قبل نزول القرآن الكريم وإلى أن تفنى سبل الحياة في الكون، ولا يمكن إنكار الإضافة التي أغنى بها القرآن لاحقا لغة الضاد الغنية والثرية والمتجددة."

وأضاف "أنا أدافع عن اللغة العربية واحترام خصوصياتها، كما أدافع عن احترام كل لغات الكون الرسمية وغير الرسمية، السائدة أو المهددة بالانقراض، لغات الأغلبية السائدة ولغات الأقليات. وفي هذا توافقني/تؤازرني المواثيق الدولية الراعية لحقوق الإنسان أولا والحقوق الثقافية واللغوية ثانيا. وعلى رأس هذه المواثيق معاهدات منظمة اليونسكو. وهي المواثيق التي صدق عليها المغرب ولا يحترمها بحذافرها."

وطرح الباحث الأثري أبو القاسم الشبري عدة مقترحات  قوانين:

- تفرض حماية اللغة العربية من أي تحريف أو تشويه،

- تمنع على أي منبر مسموع أو مرئي إذاعة نشرات الأخبار بالدارجة،

- تفرض على كل المنابر الإعلامية الإذاعية والمتلفزة الموجودة اليوم أو المزمع إحداثها مستقبلا أن تطبق قانونيا نسبة عالية في استعمال اللغة العربية (80 أو على الأقل 70 في المائة مثلا) مقابل نسب متوسطة في استعمال اللغات الأجنبية (فرنسية، إسبانية، إنجليزية، ألمانية، إيطالية،،)، كما هو معمول به في مختلف الدول التي تحترم لغتها وثقافتها وشعبها. هذا مع استثناءات بالنسبة للمنابر الإعلامية الناطقة حصريا بلغة أجنبية ما.

- تحدث جوائز سنوية خاصة بالإنتاجات الفنية والتلفزية الناطقة باللغة العربية، بمعزل عن الجوائز الموجودة اليوم والتي إما لا تحدد لغة الأعمال الفنية أو أنها تخص حصريا الإنتاجات الفرنكوفونية كما بالنسبة للفيلم الفرنكوفوني والكتاب الفرنكوفوني مثلا،

- تفرض استعمال ديمقراطي عادل لكل لهجات المغرب الإقليمية والجهوية في البرامج التي تصلح للدارجة، وخاصة المسلسلات والمسرحيات والوصلات الإشهارية الناطقة، بحيث يمنع على أي منبر تقديم أعمال فنية مختلفة لكنها تنطق بنفس اللهجة الواحدة.

- تستصدر المراسيم التطبيقية لتشجيع استعمال اللغة الأمازيغية في الإعلام، في أفق تعميمها في كل مرافق الدولة وفق مسلسل تعميم الأمازيغية في التعليم بالتدريج، وهو ما تم الإجهاز عليه عنوة،

- تدعم وتشجع الإنتاجات التلفزية والسينمائية والمسرحية والأدبية الناطقة والمكتوبة بالأمازيغية،

- تمنع على المنابر الإعلامية تمرير إشهارات تحتكرها شركة بعينها أو بضع شركات دون غيرها، وقد صرنا منذ سنين طويلة مسخرة في باب الاحتكار هذا،

- تمنع احتكار عقود الأعمال الفنية مع شركة بعينها أو فنان بعينه أو بضع شركات، وقد أزكمت أنوفنا لسنوات طالت.

وختم الشبري بالقول "إن تدريج الدولة المغربية أمر يفوق قوة المغرب كدولة، فأحرى أن يعالجه وزير في حكومة محكومة". ولك مودتي وتقديري.