فن وإعلام

بيضة الخلفي و"كتكوت" الأعرج

إدريس شكري

لم يكن وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج بمعزل، عن "طبخة" المجلس الوطني للصحافة، لأن الوزير الحركي يرغب في أن يسجل في حصيلته هذا الإنجاز حتى ولو اقتضى الأمر انتهاك الشرعية القانونية و الدوس على إرادة الصحافيين.

لقد أراد الوزير أن يكسب لنفسه "حسنة" إخراج هذا المجلس، و كان يعتقد، أن بمقدوره أن يحقق ذلك لأن النقابة الوطنية للصحافة أوهمته أنها بالفعل الأكثر تمثيلية، فاعتقد أن "الطبخة" ستمر، و أن الصحافيين، سيبلعون ريقهم ويسكتون، خوفا أن يطال بطائقهم مكروه، عند تنصيب المجلس، الذي سيكون من مهامه منح بطاقة الصحافة، و فق شروط يخطط الأعرج منذ الآن لتحديدها بقرار، لا بمرسوم، كما تفعل كل الحكومات التي تحترم نفسها، و تتعامل بشفافية، لا بكولسة وتواطؤ.

ومنذ أن استقبل الأعرج نقابة الاتحاد المغربي للشغل، وجد نفسه في ورطة، بعد أن هددته باللجوء إلى القضاء للطعن في اعتبار الوزارة أن نقابة الصحافة هي الأكثر تمثيلية، وهي مسألة فيها نظر، مادام الاتحاد المغربي للشغل هو الأكثر تمثيلية في الواقع، وحسب الترتيب الذي تضعه الحكومة نفسها للنقابات الأكثر تمثيلية، غير أن الأعرج برر هذا الأمر بكون سلفه مصطفى الخلفي هو الذي اعتبر نقابة البقالي ومجاهد الأكثر تمثيلية، بل أكثر من ذلك أقنع نقابة الصحافة بالبحث عن مخرج من هذه الورطة، وذلك بضرورة التحالف مع الاتحاد المغربي للشغل لتجاوز هذا المطب، وكذلك كان.

فسارعت النقابة إلى عقد جلسات تفاوضية مع نقابة الاتحاد المغربي للشغل، انتهت بالاتفاق على وضع لائحة مشتركة، شريطة أن يكون وكيل اللائحة من نقابة موخاريق، وكذا العضو الشرفي، الثامن الذي تعينه النقابة الأكثر تمثيلية، و هو ما يثبته محضر غير أن البقالي ومجاهد فضلا إخفاء هذا الأمر على زملائهم في النقابة، مخافة أن يفجر كشف هذا الحقيقة النقابة من الداخل، خاصة وأنها وزعت وعودا على الكثيرين لشغل هذا المنصب، و يتعلق الأمر بكل محمد سراج الضو و عبدالرحيم التوراني.

لقد كان البقالي و مجاهد يعلمان أن هذا العضو الثامن من نصيب الاتحاد المغربي للشغل، لكنهما اشتغلا ـ بمكر ـ سذاجة الذين يصدقون ـ دائما ـ من يكذب عليهم، بل وتمادوا في ذلك حين دعوا إلى عقد اجتماع للمكتب التنفيذي للنقابة الثلاثاء الماضي للتداول في أمر العضو الثامن، رغم أن النقابة وجهت رسالة الاثنين إلى وزير الثقافة والاتصال، تعيّن فيها ثريا الصواف في هذا المنصب على حساب كل من عبدالرحيم تفنوت و سعيد رحيم.

لقد اعتقدت نقابة الصحافة أن الاتحاد المغربي للشغل سيقوم بدور "كومبارس" أو أرنب سباق، عندما قبل التقاوض معها والدخول في لائحتها، والتراجع عن تقديم طعنيين أمام المحكمة الإدارية كما لوّج بذلك في وجه الوزير، الأول حول النقابة الأكثر تمثيلية والثاني حول إصدار لجنة الإشراف على انتخابات المجلس الوطني للصحافة لقرار تنظيم هذا الاقتراع، علما أن اللجنة ليس سلطة إدارية يحق لها ممارسة "التشريع"، بعد أن تخلى لها الوزير عن مهامه في إصدار مرسوم ينظم هذا الانتخابات ( موضوع طعن أمام المحكمة الإدارية)، لكن نقابة مخاريق تضع اليوم عينها على رئاسة المجلس في شخص وكيل اللائحة حميد ساعدني، و لن تتنازل عن هذا الطموح.

لقد انهت مهزلة انتخاب المجلس الوطني للصحافة، و لكنه لا زال كتكوت يستصعي عليه تكسير قشرة البيضة بفعل الإشكاليات القانونية التي تعترض خروجه إلى حيز الوجود، رغم أن النقابة تستعجل الأمر.

وسيكون أمام الوزير أن يتحمل مسؤولية حماية القانون عوض الاستمرار في الرضوخ، لأن من شأن ذلك أن يأكل آخر ما تبقى من"صورته" أمام السلطة الرابعة، للأسباب التالية:

أولا: أن المجلس غير مكتمل التشكيلة فاتحاد كتاب المغرب ارجأ تعيين ممثله 6 أشهر، و أفسد على سعيد كوبريت فرحة التعيين، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان انتهت صلاحيات أعضائه منذ 3 سنوات، والمجلس الوطني للثقافات واللغات لا وجود له أصلا، فمن أين سيأتي الوزير الأعرج بممثلي هذه الهيئات في المجلس الوطني للصحافة؟

ثانيا: أن المجلس موضوع طعون أمام القضاء من طرف ناشرين وصحافيين، بل إن الطاعين تقدموا بطلب إلى المحكمة الإدارية يتعلق بإرجاء تنصيب المجلس إلى غاية البث في الطعون.