فن وإعلام

شهود ما شافوا حتى حاجة

إدريس شكري

لم تستطع لجنة الحقيقة والعدالة للدفاع عن توفيق بوعشرين، المتورط حتى النخاع في فضائح جنسية، إقناع الذين حضروا ما سمته الندوة العلمية التي نظمتها مساء السبت بفندق حسان بالرباط، بما ابتدعته من أوهام، في الدفاع عن شخص لم يستطع الدفاع عن نفسه، أمام ضحاياه، خاصة و أن الوجوه الأعضاء فيها استهلكهم "الوقت"، ولم يعدوا ما يشغلون به أنفسهم، بعد أن استنفادوا كل إمكانياتهم في ما يسمى الدفاع عن حقوق الإنسان، و لم يتبقى لهم إلا ملف بوعشرين، غير آبهين بصراخات الضحايات ومآسيهم، ما دام المتهم كان دائما ضمن جوقتهم، التي تخدم أجندات الخارج، من دون أدنى اعتبار لمصالح هذا الوطن.

لقد فشلت الندوة العليمة في تقديم ولو دليل علمي على براءة المتهم، ربما كانت تفكر في الاستناد إلى دليل قضيبه الصغير كما صرحت أسماء الحلاوي،  مفندة بذلك ما ادعاه النقيب زيان، الذي وصفه بـ "بوزنطيط"، و بعدما  فشل في إقناع الرأي العام بهذا الدليل، دار إلى الخلف، وحاول أن يقدم دليلا آخر من خلال "ترمة" المتهم التي تزن طنا ونصف طن.

كمتتبع لم أعرف العلاقة بين ندوة علمية وفضيحة جنسية، خاصة وأن دفاع الضحايا تحدى المتهم وأعلن عن استعداده لعرض الأشرطة الجنسية على الخبرة العلمية، سواء في الداخل أو الخارج، لكن النقيب و من معه لاذوا  بالصمت، واستمر  زيان في التشويش على جلسات المحكمة، لدرجة أنه تعمد إخفاء مصرحة في الصندوق الخلفي لأحد أبنائه، إمعانا في عرقلة سير المحاكمة.

وفي سياق نفس التشويش، أعلن من يصنفون أنفسهم في خانة المدافعين عن حقوق الإنسان، بعد 3 أشهر من انفجار القضية على تأسيس لجنة الحقيقة والعدالة، رغم أن الحقيقة يعرفها الجميع، من خلال أقوال المشتكيات والمصرحات في المحاضر و من خلال الفيديوهات التي تصور كل الوقائع، أما العدالة فتأخذ مجراها الطبيعي، من خلال الجلسات، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن جدوى "ندوة علمية" في قضية جنائية.

الندوة لم تقدم أية إضافة "علمية" جديدة أو أ دليل مقنع بل كررت كلاما ألفته الأسماع منذ أن طفت هذه الفضيحة على السطح، حيث أعاد شقيق المتهم، رشيد، نفس أكاذيب خرق القانون في اعتقال بوعشرين، من دون أن يتكلم عن الضغوطات التي مارسها هو نفس على المشتكيات من أجل التراجع، أو أن يكشف عن المقابل، وهو كلام تقدم المحكمة كل ما يدخضه، بالحجج والوثائق والفيديوهات، فهل يملك هذا "الأخ" ما يكذب به كل هذه الأدلة. الجواب: لا، طبعا، لذلك لا بأس من القيام بمحاولة يائسة استعطاف الناس.

وللحصول على القليل من التعاطف استعانت الندوة بتدخل للأستاذ عبد الرحمن بنعمرو، الذي كان ينبغي أن ينوء بنفسه عن الخوض في الموضوع أصلا، احتراما لتاريخه النضالي الطويل، لكن الرجل الذي بلغ من الكبر عتيا، أبى إلا أن يدلي بدلوه، مكررا نفس مرافعات المحامي زيان، الذي لم يكن أبدا معه في انسجام، حيث تساءل عن الأسباب التي جعلت الضحايا لا يقاومن، ناسيا أن إحداهن صرحت أنه لما أغلق باب المكتب، أخبرها المتهم، أن الصراخ لا يجدي في شيء لأن المكتب في الطابق 17، قبل أن يشرع في هتك عرضها بالعنف...

وقد نسى السيد النقيب أن بوعشرين استغل سلطته في استدراج الضحايا اللواتي هن مستخدمات عنده بتقديم وعود لهن بالترقية و تحسين الأوضاع المادية و التشغيل، وهو ما يشكل عناصر جريمة الاتجار في البشر.

لقد حج إلى هذه الندوة التي ليس بينها وبين العلم إلا الخير والإحسان، كل من خديجة الرياضي، التي عوض أن تصطف إلى جانب النساء، اختارت الوقوف إلى جانب المتهم، وكذا المعطي منجيب الذي ظل يتسلم الأموال من الخارج لإعداد تقارير عن المغرب تحت مبرر "صحافة التحقيق"، وهو المشروع الذي اشتغلت فيه إلى جانبه مريم مكريم، المصرحة في نفس الملف، والتي اختارت "الهروب" إلى إسبانيا على المثول أمام المحكمة، ولا شك أنها تعرف الكثير من الحقائق، و كان عليه أن يسألها لماذا كانت تمنع على أمل الهواري الصعود إلى مكتب توفيق بوعشرين.

الندوة العلمية، أكدت أن اللجنة لا تتوفر على أي دليل، وإنما على كلام فضفاض، لا يمتلك أي "غرام" من المصداقية، لذلك فإنها خرجت خاوية الوفاض، و انفض الناس هامسين في آذان بعضهم " آش هاذ التخربيق".