قضايا

لمادا ننتقد ظاهرة التدين عند المغاربة في شهر رمضان؟

الدكتور جواد مبروكي

ألاحظ خلال كل شهر رمضان ارتفاع مظاهر التدين في عدة مجالات:

- امتلاء المساجد في كل أوقات الصلاة وبالخصوص لأداء صلاة التراويح

- ارتفاع عدد الشباب الذين يرجعون الى التدين عبر الالبسة المحتشمة والتقليدية، وعبر قراءة القرآن الكريم والأدعية، وعبر متابعة الدروس والبرامج الدينية مع تغيير سلوكياتهم الاعتيادية وألفاظهم بل و حتى عبر الحديث في مواضيع جادة وهادفة. كما نرى ارتفاع معدلات الانقطاع عن المخدرات والرجوع الى اكتشاف الحياة الروحانية.

- ارتفاع معدلات انتشار الأحاديث النبوية والآيات القرآنية والنصائح الدينية عبر رسائل الشبكة العنكبوتية والواتساب.

ولكن المشكلة ليست في ظاهرة التدين بل في الانتقادات السلبية والمدمرة التي ألاحظها في تعاليق الكثير من المواطنين ومن جميع الشرائح الاجتماعية مثل: "المصلون الجدد" أو "التراويح وْلّاتْ موضة" أو "سْبْعْيامْ دْلْباكورْ دَبا دوزْ" أو "هِ يْكْمْلْ رمضان يْرْجْعو لحياتهم القديمة وْ يْخْواوْ جّْوامْعْ".

هذه الانتقادات الهدامة تزعجني كثيرا لأن لها مخاطر متعددة واذكر منها:

1- الأحكام المسبقة الهدامة

كيف لإنسان أن يقيس درجة ايمان فرد آخر؟ ولماذا نقوم بالحكم على شاب بِـ "المصلي الجديد"؟ وهل هذا الحكم المسبق في حد ذاته فيه احترام لحقوق الإنسان في اختياراته الشخصية؟ وهل يُعتبر الحكم المسبق من أهداف الصوم؟

إن الأحكام المسبقة مثلها مثل البكتيريا التي تتسبب تدريجيا في تسوس الأسنان، فهي تهاجم الملوث  والضحية، الاثنين في آن واحد.

2- ترسيخ الفشل عند الشاب المتدين

الانتقاد الهدام وتكراره مثل "هِ يْدوزْ رمضان غَدي يْرْجْعْ لْداكْشي دْيالو"، يُرسخ الفشل المسبق في ذهن الشاب العائد للصلاة وينتهي به الأمر أن يُنتج حتما ما رُسخ في ذهنه من انتقاد وتوعد وتوقع سلبي.

3- إحباط تجربة التدين

لكل شيء بداية ولكل تجربة بداية والحياة الإنسانية هي مجموعة من التجارب. والصيام هو تجربة روحانية فريدة من نوعها خلال شهر واحد في السنة فقط. ومن أدوار الصيام، تذكير الإنسان بأهمية التحكم الذاتي والرجوع إلى حقيقة الوجود الروحاني للإنسان.

وهكذا يبدأ الفرد تجربة روحانية جديدة مع بداية رمضان ومع الأسف تأتي هذه الانتقادات الهدامة لتجهض تجربة الفرد وخصوصا الشاب وتُسبب له في الشعور بالإحباط و تحطيم معنوياته.

أنا واثق أننا إذا قمنا بتشجيع الشباب والكبار في تَدَيُّنهم أثناء رمضان وباركنا تجربتهم الروحانية الجديدة والايجابية فإننا نفتح أفاقاً لـ تقوية قدراتهم الروحانية عبر منهاج الصيام لأنها في الواقع تنمية بشرية تساهم في خدمة وتقدم المجتمع.

إن السلوك الطيب والروحاني السليم متى تمت ممارسته سبب رقي الإنسانية والبشرية.