سياسة واقتصاد

النقيب زيان ودولة الحق والقانون

سعد عبد المالك

لم يرق الكثير من الأطراف استقلال السلطة القضائية، وانفلات قرار النيابة العامة من قبضة وزير العدل، الذي هو جزء من السلطة التنفيذية، و كانت تعليماته غالبا  ما تفسد إستقلال هذه السلطة، و تجامل   السلطة التنفيذية، لذلك ليس غريبا أن يصرح وزير العدل السابق الأستاذ مصطفى الرميد أنه كان ضد استقلال النيابة العامة، و لا غرابة أيضا أن تصرح إحدى ضحايا الاعتداءات الجنسية لتوفيق بوعشرين مدير نشر " أخبار اليوم" أنه سبق أن وضعت شكاية قبل استقلال السلطة القضائية، ولم يتم تحريك المتابعة.

لقد أتاحت هذه الإستقلالية، وهي منصوص عليها في دستور 2011، للسلطة القضائية أن تشتغل بعيدا عن أي ضغط سياسي أو على الأقل حزبي، كما جعلها حريصة على تطبيق القانون بعيدا عن أي تدخل، ولم يعد مرتكب أية جريرة يفلت سلطة القانون، وليس من سلطة القضاة طبعا.

و حينما قررت النيابة العامة تحريك المتابعة ضد النقيب محمد زيان، فلأن هذا المحامي  صرح، بعظمة لسانه،  لوسائل الإعلام، أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بكلام نسبه لناصر الزفزافي بشأن تورط إلياس العماري في قضية تمس أمن الدولة، غير أن الناشط في حراك الريف  انكر جملة وتفصيلا ما نسبه له السيد النقيب بل وسحب منه الإنابة عنه في القضية المعروضة أمام محكمة الاستتئناف بالدار البيضاء.

إن النقيب محمد زيان، لما كان وزيرا مكلفا بحقوق الإنسان، في حكومة الراحل عبداللطيف الفيلالي ( 1995ـ 1997)، دعا هو نفسه إلى ضرورة استقلال القضاء على السلطة التنفيذية، وانتقد "الحملة التطهيرية" لسنة 1996 ، بل اتهم أطراف في الحكومة بتحريكها، وهاجم وزير العدل أنذاك عبد الرحمان أمالو، زميله في صفوف حزب الاتحاد الدستوري.

اليوم وقد استقلت النيابة العامة على الحكومة، من حقها أن تمارس دورها في حماية دولة الحق والقانون، سواء أكان المخالف له نقيبا للمحامين أو محاميا مبتدأ أو رجل سلطة أو  مواطنا عاديا، لأنه هذا هو المعنى الحقيقي لاستقلالية السلطة القضائية...

ثم إن من ينظر في السلوكات التي باتت تصدر عن النقيب محمد زيان، تشي أنه شرع يضرب أخماسا في أسداس، فبعد أن فرض إنابته عن توفيق بوعشرين، لم يجد ما يدفع به التهم عنه في أول جلسة سوى مهاجهة زملائه في المهنة إلى درجة أنه دفع أحدهم وسبه بما لا يليق بالمقام...

لذلك على النقيب زيان أن يتحمل مسؤوليته إزاء الكلام الخطير الذي نسبه لناصر الزفزافي، واتهم فيه زعيم حزب بـ "التآمر" من دون أن يقيم أية حجة، و من دون أن يجد سندا في موكله، الذي سارع إلى تكذيبه.