تحليل

اتحاد المغرب العربي كحل استراتيجي أملته الضرورة

محسن يوسف

ن أهم ظاهرة ميزت النظام الاقتصادي العالمي خلال السنوات الأخيرة، هي ظاهرة الاتجاه نحو الكونية، كونية الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، إضافة إلى تنامي الارتباط المتبادل في آليات ونظم التجارة العالمية، خصوصا بعد توقيع معاهدة مراكش في أبريل 1994، إيذانا بقيام "منظمة التجارة العالمية"، هذا إضافة إلى كون العالم اليوم يولي اهتماما متناميا للتكتلات الاقتصادية والتي تفرضها سياسة الانفتاح وتحرير المبادلات واتفاقات الشراكة، حتى أصبح يطلق على هذا العصر بعصر التكتلات الاقتصادية.

فأمام هذه المتغيرات الاقتصادية، وبدخول اتفاق الشراكة الأورو متوسطي حيز التنفيذ فإنه لأصبح من اللازم استكمال بناء منطقة إتحاد مغاربية، قادرة على رفع تحديات العصر ومواجهة التكتلات العملاقة، بسياسة موحدة لهذا الاتحاد المنشود، وذلك على غرار بعض التكتلات العربية، مثل مجلس التعاون الخليجي، الذي نجح في تحقيق نوع من التنسيق والتعاون بين أعضائه.

لذلك فالوضيعة الراهنة تحتم على الأقل وضع معاهدة إتحاد المغرب العربي حيز التنفيذ، خاصة الجزء المتعلق بإستراتيجية التنمية المشتركة، هذا من جهة، كما تفرض تحديات الظرفية توسيع دائرة التعاون بين الدول المغاربية والدول العربية ككل، وتنشيط العلاقات الاقتصادية البينية، من خلال خلق منطقة للتبادل الحر بين هذه الدول، وذلك قصد مواجهة تحديات "منظمة التجارة العالمية".

لذلك سنحاول معالجة هذه النقطة من خلال التطرق إلى مسألة ضرورة إقرار مشروع منطقة تبادل حر مغاربية، ثم الوقوف على مزايا وإيجابيات تفعيل إتحاد المغرب العربي كتكتل إقليمي.

أولا-منطقة التبادل الحر المغاربية كمشروع أملته الضرورة

لقد جاءت معاهدة مراكش بتاريخ 17 فبراير 1989 لتؤسس كيان الاتحاد المغرب العربي وتبين مدى أهمية البعد الاقتصادي في تشييد هذا الكيان، حيث تؤكد المادة الثانية من هذه المعاهدة أن على الاتحاد أن يعمل على تحقيق تحرير انتقال الأفراد والمواد والخدمات ورؤوس الأموال بصفة تدريجية..."، فيما تحدد المادة الثالثة أهداف الاتحاد في تحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول الأعضاء، وتوظيف كل الوسائل الضرورية من أجل ذلك، خاصة في طريق إحداث مشاريع مشتركة ووضع برامج خاصة في هذه المجالات، وهكذا يتضح أن النص المؤسس لاتحاد المغرب العربي يؤكد على أهمية تحرير المبادلات وعلى ضرورة دعمها في إطار التعاون الاقتصادي بهدف الوصول إلى تشييد الفضاء المغاربي .

وغداة دخول معاهدة الاتحاد حيز التطبيق، بدأ العمل على إحداث مختلف مؤسسات الاتحاد المسيرة له، فيما تكونت خمس لجان وزارية متخصصة وقد تكلفت هذه الأخيرة، عن طريق الاستعانة ببعض الخبراء بتحضير النصوص القانونية قصد تسهيل التعاون المغاربي.

وفيما انتهت أعمال اللجنة الاقتصادية المجتمعة بالجزائر بين أكتوبر من سنة1989 و ماي 1990 إلى تحضير ثلاث 3 مشاريع نصوص، طرحت فيما بعد على رؤساء الدول قصد المصادقة عليها في الدورة الثانية لمجلس الرئاسة، المنعقد بالجزائر يومي 22 و23 يوليوز من سنة 1990 ويتعلق الأمر بالنصوص التالية:

- نص حول المبادئ والقواعد التي يجب احترامها في تكوين إتحاد جمركي مغاربي.

- نص اتفاق لتحفيز وضمان الاستثمارات بين الدول المغاربية.

- نص اتفاق حول عدم الإلزام المضاعف وإحداث قواعد التعاون في مجال الضرائب على الدخل.

وقد دخلت هاتين الاتفاقيتين حيز التنفيذ في تاريخ 4 من شهر يوليوز سنة 1993 وبعد ذلك كان الاتفاق على وضع الخطوط الكبرى للاستراتيجيات المغاربية المشتركة للتنمية والذي ثم إقرار الاتفاق عليه في قمة "رأس لانوف" في ليبيا يوم 11 مارس 1991.

وفيما يلي سنحاول التطرق لتجربة التعاون المغاربي الأولي لفترة ما بين سنة 1964 و1970، قبل المرور إلى تحليل مضمون مشروع الاتحاد الجمركي باعتباره البنية الأساسية لتحرير المبادلات التجارية بين الدول المغاربية.

1- تجربة التعاون المغاربية للفترة ما بين 1964 و1970

بعد انطلاق التجربة الأولى للتعاون المغاربي والتي سرعان ما أجهضت، قام المجلس الدائم الاستشاري المغاربي بوضع برنامج تحرير للمبادلات بين الدول المغاربية، وذلك بمساعدة خبراء من منظمة(Unced) (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية)، وعلى أساس أن يصبح هذا البرنامج المحور الأساسي للتعاون المغاربي.

وإبان ذلك الوقت رفض المجلس الاستشاري مقارنة لوائح المواد القابلة للتحرير في المبادلات بين الأقطار المغاربية، وهذه المقاربة تعتبر مقاربة وظيفية وقطاعية، وقد ثم عرض مقابل ذلك على المسؤولين الحكوميين 3 ثلاث حلول مع التأكيد والتوصية لصالح الحل الثالث وهي كالتالي:

- الحل الأقصى: الذي كان يهدف إلى إنشاء مجموعة اقتصادية مغاربية من صنف المجموعة الاقتصادية الأوروبية، الشيء الذي يفرض تجانس الاقتصاديات الوطنية واندماجها الكلي في تجمع واحد.

- الحل الأدنى: الذي يضع التعاون الإقليمي بين الدول المغاربية في حدود تصريحات ونوايا من أجل إحداث تدريجي لأسس الاتحاد الاقتصادي.

- الحل الوسط: والذي يستند على التحرير التجاري والتجانس الصناعي، ويتعلق الأمر هنا في هذا الإطار بمقاربة كلية، تسعى إلى تجميع أنواع المبادلات القابلة للتحرير حسب رسم خطة طريق مدتها خمس 5 سنوات، وذلك بالموازاة مع التقليص من حجم الحصص والتحديدات الكمية للبضائع محل الخطة، وقد وقع الاتفاق مند البداية على تنحية المنتوجات الزراعية من مسلسل تحرير المبادلات، وذلك بسبب حساسيتها الكبيرة على المستوى القطري.

إن الخيار الذي أوصت به المجالس المغاربية لم يكون ذي طبيعة تجارية محضة، إذ كانت تصاحبه توصية تدعو إلى تنسيق السياسات الصناعية الوطنية ومنبهة في نفس الوقت إلى الصناعات القابلة للاعتماد، لتكون منتوجاتها محور مبادلات حرة عبر المغرب العربي كله، بعد استشارة كل الجهات.

2- ملامح إنشاء اتحاد جمركي مغاربي

اتخذ قرار إنشاء اتحاد جمركي مغاربي في يوليوز 1990، في الجزائر في إطار العمل المستهدف للدفع بالتعاون بين الدول المغاربية، ويتعلق الأمر بتحديد المبادئ الكفيلة بتأسيس قواعد اتحاد جمركي بين أقطار اتحاد المغرب العربي، ونذكر بعضا منها كالتالي:

- تأكيد الإعفاءات من الحقوق الجمركية والرسوم المشابهة لها لصالح السلع ذات الأصل والمتبادلة بين بلدان الاتحاد، مع السهر على الإزالة التدريجية للعراقيل غير الجمركية.

- إقرار سياسات مشتركة في مجالات التجارة الخارجية إزاء باقي الأقطار، عن طريق إحداث نظام موحد للواردات والصادرات ومدونة تعريفية مشتركة قبل سنة 1991، والعمل على خلق أدوات الانسجام بين السياسات الوطنية في ميدان التقنين والإجراءات الجمركية.

- تطبيق تعرفة جمركية موحدة قبل نهاية سنة 1995 إزاء الغير مع السهر على استرجاع الموارد المشتركة الناتجة عن إنشاء هذه التعريفة، وكذا طرق إعادة توزيعها بين البلدان العضوة.

- منح صفة التعامل الوطني للمنعشين الاقتصاديين لكل قطر من أقطار الاتحاد وضمان المنافسة الشريفة بين المنتجين في البلدان المغاربية.

- تحديد شروط اللجوء إلى الإجراءات التي لها صبغة الإنقاذ، عند ما يكون اقتصاد بلد عضو في الاتحاد أو قطاع منتج داخله في مواجهة اختلالات أو صعوبات كبيرة، وهذا ويقتضي كذلك القيام بوضع آليات للتعويض، ويدعو القرار في الأخير إلى عقد اتفاق تجاري وتعريفي مغاربي ليصبح إطارا قانونيا ومؤقتا، صالحا لتنظيم المبادلات التجارية البينية بين أقطار الاتحاد .

ثانيا: الاستراتيجية المغاربية المشتركة للتنمية

مند قيام اتحاد المغرب العربي، صارت اللجنة الاقتصادية تشكل عنصرا أكبر بروزا من حيث العمل القائم من اجل تحرير المبادلات التجارية داخل المنطقة، وبصفة أعم كانت اللجنة تعمل من أجل إقرار تعاون اقتصادي داخل الاتحاد.

إن الاطلاع على محاضر جلسات الاجتماعات، وقرارات مجلس الرئاسة يحيل على المسار الذي اهتدت إليه الدول الخمس عند توقيع الاتفاقية التجارية والتعريفية، بهدف الوصول إلى اتحاد جمركي.

وهكذا أقرت الهيئات الوزارية بمرجعية قرار مجلس الرئاسة المتخذ بالجزائر في يوليو 1990، ووضعت نتيجة لذلك التوجهات الأساسية لاستراتيجية إقليمية، من أجل التنمية المشتركة، وقد كانت من المتوقع أن تستهدف هذه الاستراتيجية قيام وحدة اقتصادية بين الدول المغاربية، في إطار يعتمد على البعد الاجتماعي، ويفتح أفاق التحرر في وجه المبادلات للبضائع والخدمات، وكذا عوامل الإنتاج، أي "الأفراد و رؤوس الأموال" ـ

ويمكن القول أن العمل الموحد من أجل إنشاء أسس التضامن الجهوي المنشود ، يجب أن ينبني على الأولويات التالية:

- تحقيق الأمن الغذائي على المستوى المغاربي.

- إنعاش وتطوير الموارد البشرية والمادية.

- التعجيل بتنفيذ البرامج المتعلقة بتكثيف المبادلات التجارية.

- إقامة سياسات مشتركة في مختلف القطاعات.

لقد كان من المتوقع أن يشرع، في بداية الأمر، المغار بيون في تنفيذ هذه الخطة سنة 1992 على أساس مرورها بأربع محطات رئيسية وهي:

المحطة الأولى: كان من المفترض أن تدخل إلى حيز الواقع قبل نهاية سنة 1992، وذلك بإنشاء منطقة تبادل حر مغاربية، تقضي بإزالة كل العراقيل الجمركية وغير الجمركية، لكن الوصول إلى هذا الهدف كان يفترض اتخاذ العديد من الإجراءات القانونية والإدارية والمالية وبصفة خاصة عقد عدة اتفاقيات والقيام بالدراسات الضرورية لتيسير التقدم نحو تشكيل منطقة التبادل الحر المغاربية.

المحطة الثانية: وتطابق وضع مكونات الاتحاد الجمركي كان من المتوقع قبل نهاية سنة 1995، كما كان ذلك مقررا، ويقتضي ذلك الوصول إلى تعريفة جمركية مشتركة وموحدة وتوحيد السياسات التجارية والعمل على انسجام الأنظمة الضريبية.

المحطة الثالثة: كان من المفترض أن تطابق هذه المحطة إحداث سوق موحدة في آفاق سنة 2000، عن طريق إقرار الحريات الأخرى (انتقال الأفراد، السلع، الخدمات ورؤوس الأموال)، وقد كان الهدف من ذلك تحقيق سوق داخلية موحدة وتوحيد التقنيات المنظمة لها، من اجل التقدم إلى الأمام بمشروع الاندماج المغاربي.

المحطة الرابعة: كان على هذه المرحلة الأخيرة أن تؤدي بالدول المغاربية إلى محطة الاتحاد الاقتصادي الفعلي، وذلك بتوحيد وتنسيق السياسات الاقتصادية وبرامج التنمية، مع السهر على تقليص الفوارق في مجال الفضاءات القطرية والفضاء المغاربي .

لقد كان من المنتظر أن يفتح هذا النص الطريق أمام تحرير المبادلات التجارية داخل اتحاد المغرب العربي على أساس المقتضيات والقواعد الدولية التالية:

مقتضيات معاهدة مراكش والتي تدعو إلى تحقيق تحرير انتقال الأشخاص والسلع والخدمات ورؤوس الأموال داخل الاتحاد المغاربي.

- توصيات مجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي المتعلقة بتحقيق الأعمال الضرورية قصد خلق شروط التكامل والاندماج المتزايد بين اقتصاديات المنطقة على أساس:

اعتبار تحرير المبادلات بين الدول المغاربية على أساس تفضيلي كأداة حيوية لتحفيز التيارات التجارية بين الدول العضوة.

الإعفاء من الحقوق الجمركية والرسوم المشابهة لصالح السلع المتبادلة من أصل محلي، ويجب أن يصبح هذا الإعفاء لا رجعة فيه إلا في حالة توافق بين الأطراف المتعاقدة.

التنحية التدريجية لكل المعوقات غير الجمركية والتزام الدول العضوة في الاتحاد بعدم وضع عراقيل جديدة ذات مفعول مشابه.

إقرار سياسة مشتركة في مجال التجارة الخارجية إزاء بلدان الغير، وذلك عن طريق إحداث أنظمة موحدة في ميادين الواردات والصادرات.

انخراط أقطار المنطقة في مدونة موحدة، حسب نظام المدونة العامة لما قبل سنة 1991.

العمل على تحقيق الانسجام بين السياسات الوطنية في ميدان التقنيات والإجراءات الجمركية.

تحضير سعر جمركي موحد إزاء باقي بلدان العالم كان من المتوقع آنذاك ليدخل حيز التطبيق قبل نهاية سنة 1995.

ضمان شروط منافسة سليمة بين المنتجين التابعين لبلدان اتحاد المغرب العربي عن طريق وضع قواعد واضحة في هذا المجال واحترام قواعد الشفافية ـ

1) الاتفاقية التجارية والتعريفة المغاربية

وقعت هذه الاتفاقية خلال القمة المغاربية التي انعقدت "برأس لانوف" في ليبيا وذلك بتاريخ 11 مارس سنة 1991، حيث أشارت هذه الاتفاقية إلى القواعد والإجراءات الأساسية التي يجب إتباعها من اجل الوصول إلى تحقيق منطقة تبادل حر بين الدول المغاربية.

وتتمثل هذه الإجراءات في ما يلي:

- إعفاء المنتوجات ذات الأصل المحلي من الحقوق الجمركية والضرائب والرسوم ذات المفعول المشابه باستثناء الرسوم المطبقة على المنتوجات المحلية وأحيانا إقرار رسم تعويضي.

- المنتوجات ذات الأصل المغاربي والتي تطلب إنتاجها مواد مستوردة من دول غير مستفيدة من نظام التخزين أو الدخول المؤقت، تخضع إلى حق تعويضي في حدود نسبة 17.5% في البلد المستورد النهائي على أساس قيمة السلعة إضافة إلى قيمة التكاليف.

- مساهمة كل الدول الأعضاء في وضع لائحة بأسماء السلع التي تعفى من كل عرقلة جمركية، وتوسع هذه اللائحة بشكل تدريجي قصد جعل الإعفاء الجمركي حقيقيا وفاعلا.

عند بروز الاختلالات الحادة والتي تمس بإحدى الفروع الإنتاجية أو الوضع الاقتصادي ككل، وكذا إرادة دولة من الدول العضوة في حماية صناعة ناشئة كلها عوامل تستوجب من كل دولة طرف في الاتحاد، اتخاذ إجراءات إنقادية ـ

تلتزم الأطراف المتعاقدة، بعدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى الإغراق وإذ ذاك منح تعويضات ومعونات للصادرات وعدم تحريف قواعد المنافسة الشريفة.

ومن جهة اخرى يحدد نص الاتفاقية معايير المنتوجات ذات الأصل وهي كالتالي:

*المواد المنتوجة كليا داخل أحد دول الاتحاد وضمنها المنتوجات الزراعية ومنتوجات الصيد البحري والحيوانات الحية، والمواد الطبيعية التي لم تعرف أي تحول.

*المنتوجات الصناعية التي تصل قيمتها الإضافية في البلد المصدر إلى نسبة 40% على الأقل من قيمة الإنتاج أو التي تصل قيمة المواد الأولية من أصل محلي أو مغاربي إلى نسبة 60% على الأقل من القيمة الإجمالية للمواد الأولية المستعملة .

*المنتوجات الصناعية الأخرى المسجلة في لوائح موضوعة باتفاق مشترك ويجدد مستوى التحويل الضروري لكل منتوج شريطة أن يكون التحويل كافيا ومبررا اقتصادياـ

ولكن رغم ذلك فهذه الاتفاقية اعترضها عدة صعوبات وعراقيل، وفي ما يلي سنحاول أن نبين هذه الصعوبات والتي حالت دون تطبيقها على أرض الواقع.

ثالثا:الصعوبات التي اعترضت الاتفاقية التجارية والتعريفية المغاربية

إنه لمن المرجح أن تنفيذ الاتفاقيات التجارية والتعريفية رهين بمدى دينامية المشروع المغاربي، وبمعطيات تطبيق الاتفاقيات الثنائية، فكل تقدم في التعاون المتعدد الأطراف يعني اندماجا للاتفاقيات الثنائية في الاتفاقية المغاربية، والعكس كذلك يمكن أن نقول أنه صحيح.

وهكذا فإن التعجيل بتنفيذ الاتفاقية التجارية التعريفية سينجح إذا ما تضاعفت المبادلات التجارية بين البلدان المغاربية، وبالتالي السير في طريق تطبيق الاتفاقيات الثنائية، وهذا يعني أنه لابد من ضرورة تقدم مسيرة الحركتين المتعددة الأطراف و الثنائية في نفس الوقت ونفس الاتجاه.

إن الانحصار الراهن ومحدودية المشروع المغاربي يرجع أساسا إلى اعتبارات سياسية وهي الاعتبارات التي حالت دون السير العادي والطبيعي لمؤسسات الاتحاد المغاربي ، فالمغرب بدوره تأخر في المصادقة على الاتفاقية التجارية والتعريفة، في حين يواجه تطبيق الاتفاقية الثنائية صعوبات، تتجلى في تعدد الإجراءات التقنية (بين تونس والمغرب)، وتدهور العلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر (إغلاق الحدود وفرض التأشيرة).

وكما هو معلوم، فقد طلب المغرب في دجنبر سنة 1995 من الجزائر بتجميد سير اتحاد المغرب العربي بوصفها كانت متحملة مسؤولية رئاسة الاتحاد، وذلك بسبب تصاعد الخلاف حول ملف الصحراء والموقف المناوئ للمغرب من طرف الجزائر، رغم جميع المجهودات التي بدلها المغرب في هذا الاتجاه وحسن النوايا الذي عبر عنها في ما من مرة وقد جاء مشروع الحكم الذاتي، كمبادرة مغربية لحل هذا النزاع رغم تعنت الأطراف الأخرى خاصة الجزائر في كل الجولات التي جمعت الأطراف المتنازعة في مدينة "منهاست" الأمريكية.

أما في ما يخص الاتفاقية التجارية والتعريفية المغاربية، فقد اتضحت استحالة تفعيلها قبل إقرار بروتوكولات التطبيق المتعلقة بالمقتضيات الأكثر ملائمة، وفي هذا الاتجاه اجتمع الخبراء عدة مرات طوال سنة 1995، وتمكنوا من إعداد نصوص هذه البروتوكولات في عدة مواضيع ومن بينها :

*بروتوكول حول شهادة أصل المنتوجات وشروط تصريح المصدرين وأشكال الأداء في هذا الميدان، إذ تؤكد المادة 4 من الاتفاقية بمصاحبة السلع المصدرة من كل طرف بشهادة تدل على أصلها حسب نموذج موحد ومقبول من طرف كل الأطراف المتعاقدة ويجب أن تختم هذه الشهادة وأن تكون موضع مراقبة من طرف السلطات الجمركية للبلد المصدر، غير أن بعض البلدان، وخاصة الجزائر والتي احتجت على عدم احترام الأخلاق الجمركية من طرف المتعاملين الآخرين، الشيء الذي أدى إلى تسرب داخل السوق لمنتوجات غير مغاربية، تصاحبها بالرغم من ذلك شهادات الأصل المحلي.

*بروتوكول المحدد للائحة I التي تضم 58 مادة بموجبها تلغى كل العراقيل غير الجمركية، على أساس الالتزام بتوسيعها بشكل تدريجي، وقد اكد مجلس وزراء الخارجية المنعقد بتونس في 3 فبراير سنة 1994 ، عزم الأطراف المتعاقدة بالعمل من اجل الوصول التدريجي إلى منطقة التبادل الحر، والسهر كذلك على توسيع مبادلات الخدمات بين دول المجلس، والتأكيد على ضرورة تنسيق السياسات التجارية والجمركية للدول العضوة، كما دعا إلى تحفيز المقاولات المغاربية.

ورغم تعميق النقاشات التي عرفتها مختلف الاجتماعات بين الوزراء والخبراء طوال سنة 1994 وبداية 1995 حول شروط تطبيق الاتفاقية التجارية والتعريفة المغاربية، فإن هذه الاجتماعات لم تمكن الأطراف من الوصول إلى تحديد مفهوم متفق عليه لمنطقة التبادل الحر المغاربية .

وأمام هذه الصعوبات والتي كان السبب ورائها الخلافات السياسية، خاصة بين المغرب والجزائر، فهذه الخلافات تنبني في عمقها على خلاف الزعامة الإقليمية وعلى منفذ البحر بالنسبة للجزائر، أما بالنسبة للمغرب ونظام القذافي السابق، فقد كان نتيجة الحالة المرضية لهذا الزعيم والذي كان يمول ويناصر جميع الحركات الراديكالية في العالم .

لذا وأمام هذا الوضع الجديد للمغرب العربي، بعد سقوط أنظمة "القدافي" و"بنعلي" وصعود أنظمة شعبية دمقراطية، تحظى بالمشروعية والمصداقية، إنه لبات من الضروري إعادة النظر في العلاقات المغاربية، وضرورة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين الدول المغاربية، وذلك لمواجهة تحديات العصر (الانفتاح والتحرر)، وكذا الاستفادة من الفوائد الايجابية بامتياز التي تمنحها الاتفاقات التجارية الإقليمية.

رابعا: انعكاسات تفعيل اتحاد المغرب العربي كتكتل إقليمي

كما هو معلوم يضم اتحاد المغرب العربي خمس دول تضم كل من المغرب، الجزائر تونس، ليبيا وموريتانيا، ومن بين هؤلاء أربع دول أعضاء داخل "منظمة التجارة العالمية"، لذلك فهذا التكتل يجب عليه أن يعمل جاهدا على تفعيل الملامح الكبرى للإستراتيجية المغاربية للتنمية المشتركة ، التي تهدف إلى تحقيق الوحدة الاقتصادية بين دول الاتحاد والتي تتماشى مع مقتضيات اتفاقية "الجات" (المادة4).

وهذا من شأنه أن يسمح بالاستفادة من الفرص التي تطرحها جولة الأوروغواي، كما يمكن من الاستفادة من عدة فوائد يمكن تقسيمها إلى قسمين:

فوائد تقليدية

إن الفوائد التي يمكن وصفها بالكامنة والتي ستستفيد منها دول المغرب العربي عند بناء صرحها التكتلي، يمكن إجمالها في التالي:

بناء الثقة

في الحالة التي تقرر فيها دول المغرب العربي تأسيس اتحاد جمركيا، فلا بد من اتخاذ إجراءين وهما:

- إزالة الحواجز التي تعترض التجارة البينية ما بين الدول المغاربية.

- تطبيق سياسة تجارية موحدة تشمل أيضا تعريفة خارجية موحدة.

واتساقا مع اتفاقية "المنظمة العالمية للتجارة" يقارب الاتحاد الجمركي على أنه: "الاستعاضة عن إقليمين جمركيين أو أكثر بإقليم جمركي واحد"، وبذلك تتوافر للسلع والبضائع حرية التنقل داخل الإقليم الجمركي مع بعض الاستثناءات المحدودة جدا قد تقتضيها الصحة العامة والآداب العامة، وكما سيزداد كذلك ترابط الدول وتضافرها وتخفيف التوترات السياسية بين الدول منها (المغرب – الجزائر)، ليحل محلها حسن الجوار والعلاقات الودية، وهذا الدور الذي تلعبه الاتفاقات التجارية الإقليمية في بناء الثقة لا غنى عنه لتحقيق النمو الاقتصادي والازدهار والرخاء لكافة شعوب المنطقة.

وفي هذا الاتجاه نشيد بتجربة الاتحاد الأوروبي والذي تشكل أساسا في إطار محاولة الحد من التوثرات بين الدول الأوروبية خاصة (ألمانيا وفرنسا) ، وتجنب الأعمال العدائية بين هذه الدول في المستقبل.

ب-سهولة الانضمام و الإدارة

إن تفعيل اتحاد المغرب العربي في إطار تكتل إقليمي، سيمكن وبسهولة من التوصل إلى اتفاقات تخص موضوعات كثيرة، وفي غضون فترة قصيرة في ما بين الدول الأعضاء وبالتالي فهذه الدول مدعوة إلى الدخول في ترتيبات تجارية إقليمية، وذلك كون المفاوضات التي تجري في "منظمة التجارة العالمية" في غالبها تكون شديدة التعقيد ويشترك فيها عدد كبير من الدول (أكثر من 150 دولة)، مما يجعل الوصول إلى اتفاقات خاصة بمواضيع معينة مطروحة للنقاش أمرا بالغ الصعوبة، في حين فالدول المتقاربة جوارا وثقافة وفكرا كدول المغرب العربي تكون غالبا متقاربة التوجهات في ما يخص الاتفاقات، والتي تخدم مصالحها أكثر من الدول المتعددة الخلفيات.

وفي هذا الإطار، فقد كانت صعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن الاستثمار على المستوى المتعدد الأطراف، هو الذي أعطى دفعة قوية لدول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي للتفاوض حول الوصول إلى اتفاق في ما بينها، وفي ما بعد ثم استكشاف إمكانية إبرام اتفاقية متعددة الأطراف تخدم مصالح الدول العضوة، تحت رعاية "منظمة التجارة العالمية"، وبالنظر إلى ما يشترك فيه أعضاء اتحاد المغرب العربي من تاريخ ودين ولغة، فإن التوافق على اتفاقات في عدد كبير من الموضوعات المختلفة، يكون أسرع بين دول هذا الاتحاد، أكثر منه إذا كان التفاوض مع دول مختلفة من أماكن أخرى من العالم.

ج- توسيع نطاق التجارة

إن من بين الآثار الاقتصادية الأخرى لتفعيل اتحاد المغرب العربي، الاستغناء عن المنتوجات العالية التكلفة بمنتوج منخفض التكلفة، ورغم أن هذه العملية قد تترك أثرا سلبيا على الدول النامية بصفة عامة، فإنها تعود بعدة فوائد على أعضاء تجمع الاتحاد، فحجم التجارة يزداد بين الدول الأعضاء، وبذلك يستفيد المستهلك من انخفاض الأسعار بعد إزالة الحواجز الجمركية ويكون لهم مجال واسع في اختيار السلع، كما أن المنافسة بين الشركات ستزداد وهذا سيدفعها إلى إعادة تقويم نشاطها وترشيده، إلا أن المعطيات الواردة، تشير إلى أن التجارة البينية بين دول الاتحاد قد تراجعت بشكل كبير ، لذا فإن تفعيل هذا الاتفاق من شأنه أن يزيد من تدفق حجم المبادلات التجارية بين الدول الأعضاء للاتحاد.

ونظرا إلى كون بعض الفوائد المباشرة قد تكون قصيرة المدى، فلابد لأطراف الاتحاد من اتخاذ عدة ترتيبات تجارية إقليمية وأن تنتهج سياسات منفتحة على الخارج، وبالتالي التفاعل مع كافة مكونات أعضاء "منظمة التجارة العالمية" ـ

وبالتالي فإذا كانت إرادة أعضاء الاتحاد، تصب في اتجاه تحقيق أكبر قدر من الفائدة خاصة في ظل اتفاقات جولة الأوروغواي، وفي ما بعد اتفاقات الشراكة الأورو متوسطية لابد لهم من نهج سياسات للتقارب أولا، ثم سياسات منفتحة على الخارج، وإذا ذهبوا في هذا الاتجاه، فإنه لا محالة ستكون النتائج إيجابية خاصة أن هذه السياسات المنتهجة ستشجع المنافسة، وبذلك ستجدب الاستثمار الأجنبي المباشر.

د- تزايد عوائد الاستثمار

من بين المزايا التي يمكن أن تعود على أي تكتل إقليمي، كاتحاد المغرب العربي بالنفع، الزيادة في عوائد الاستثمار وتشجيع المنافسة بين الشركات، هذا ناهيك عن زيادة المنافسة الناتجة عن الزيادة في حجم السوق، كون الشركات ستسعى إلى زيادة حصتها في الأسواق، وهذا بدوره سيؤدي إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية للصناعات المحلية.

وفي هذا الاتجاه يمكن الإشارة إلى الاتحاد الأوروبي، وكيف أنه نجح وذلك بسبب التجارة البينية الهائلة خاصة في الصناعات التحويلية، وذلك صاحبه نوع من ترشيد للإنتاج الشيء الذي أملته و جعلته سلفا معاهدة روما ممكنا، وبذلك تبقى أمام دول المغرب العربي فرصة محاكاة هذا النموذج القريب، خاصة إذا ما تم انتهاج سياسات سليمة، الغرض منها يكون أساسا في اتجاه تعزيز المنافسة وتشجيع الاستثمار .

هـ - اجتذاب الاستثمار

لا شك أن وجود سوق متكاملة، وانتهاج سياسات منفتحة على الخارج، هي محددات للاستثمار الأجنبي المباشر، وأي استراتيجية تجارية إقليمية مرسومة بدقة وبعناية يمكن أن تكون أداة قوية لاجتذاب الاستثمار، وفي هذا الإطار جاءت إشارة بعض الاقتصاديين.

"كافرنا تذيز" حيث قال : "أن أي اتحاد تجاري إقليمي يمكن أن يشجع التدفقات الاستثمارية سواء من داخل الدول المشاركة أو من خارجها وذلك بعدة طرق، فالحد النسبي لتشوه الإنتاج داخل البلدان العضوة يمكنه أن يزيد من حجم الاستثمار الإجمالي الذي يقدمه المستثمرون في الدول الأعضاء، وبالزيادة التي يمكن أن تحدث في حجم السوق، يمكن أن تزيد كمية وحجم الاستثمار سواء من جانب المستثمرين الداخليين أو الأجانب، وهذا الأثر ينطوي على أهمية خاصة، لاسيما بالنسبة للاستثمارات الكبرى".

وبذلك وقياسا عليه ففي حالة الاتحاد الجمركي يتم خلق سوق موحدة داخل جدار من التعريفة الخارجية الموحدة، الشيء الذي سيزيد من تحفيز المستثمر الأجنبي للدخول في قفزة تعريفية خاصة، إذا كانت التعريفة الخارجية موحدة وأعلى من التعريفة السابقة لبعض الدول .

ومن الممكن لاتفاقيات الشراكة، إذا ما تم استخدامها بشكل جيد ، أن تساعد الدول على اجتذاب الاستثمار، ويمكن أن ينطبق ذلك على أي تكتل إقليمي، فالاتفاق العام للتجارة في الخدمات واتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة وحقوق الملكية والفكرية وغيرها، ستساهم لا محالة في نقل التكنولوجيا والاستثمارات، وقد تعززت قواعد التجارة المتعددة الأطراف مؤخرا وبذلك فقد تم تعزيز وزيادة القدرة التنبؤية، وهذان العنصران هما المطلوبان في دائرة المال والأعمال لاتخاذ قرارات استثمارية مبنية على معلومات سليمة.

وبذلك فإذا أقام أعضاء الاتحاد استراتيجية تجارية إقليمية مرتبطة بتعريفات تنافسية فإن ذلك من شأنه أن يشجع لا محالة الاستثمار داخل بلدان الاتحاد، كما هو الشأن أيضا بالنسبة لحماية حقوق الملكية الفكرية، هذا النظام الذي سيسفر كذلك عن عدة فوائد، ليست فقط محصورة في زيادة نسبة الاستثمارات المجتذبة، بل سيخلق فرصا جديدة للعمل، وبالتالي سيحاول تخفيف ضغط البطالة والفقر، ومن ثمة ستزيد الثقة بالاقتصادات المحلية المغاربية.

2- الفوائد الغير التقليدية

جاء في كلمة للمدير العام السابق "لمنظمة التجارة العالمية" ألقاها مؤخرا في المؤتمر الرابع للحوار التجاري عبر الأطلسي أنه قال: "لقد كانت الحجة الأساسية للإقليمية على الدوام هي أن المجموعات الصغيرة من الدول قد تتمكن من التحرك أكثر وأسرع نحو التكامل مما إذا كانت في نظام متعدد الأطراف وأوسع نطاقا".

ويمكن القول أنه انطلاقا من هذه الكلمة طرح التساؤل ألا يزال هذا المنطق هو الكامن وراء التكتلات الإقليمية المنتشرة في العالم.

لذلك من الصعب جدا الاعتماد على حجة أن التحرر التجاري في مجلس التعاون الاقتصادي، أو في اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية، أو في ما بين الاتحاد الأوروبي ودول البحر الأبيض المتوسط، هو أسهل مقارنة مع اتفاقية "منظمة التجارة العالمية"، فكثير من هذه التكتلات الإقليمية الجديدة تضم بلدانا لها من اختلاف النظرة والحجم الاقتصادي ومستوى التنمية ما لا يوجد لدى أية دولة أخرى في النظام التجاري المتعدد الأطراف وبذلك يمكن القول أنه يصعب التحقق من الدوافع الكامنة وراء تشكيل التكتلات الاقتصادية الإقليمية في وقتنا الراهن، فقد يكون مزيجا من الأسباب التقليدية وأخرى غير تقليدية، ومن بين الفوائد التي يمكن لدول اتحاد المغرب العربي تحقيقها ما يلي:

أ- مصداقية الإصلاحات الداخلية

لقد شهدت الفترة الماضية اتخاذ ،عدة دول نامية ، إجراءات لتحرير التجارة من جانب واحد، ولإعطاء برامج الإصلاحات هذه نوع من المصداقية، سعت هذه الدول إلى ربط مسلسل إصلاحاتها بنظام "الجات" ، أو بأحد التكتلات الاقتصادية الإقليمية، كما هو الحال للمغرب والاتحاد الأوروبي، والمغرب و الولايات المتحدة، وقد كان السبب وراء هذه الخطة هو محاولة إقناع المستثمرين الأجانب أن هذه البلدان ملتزمة بعملية الإصلاح ، وفق المعايير الأجنبية، وأنه من الصعب التراجع في خطوات الإصلاح كون برامج الإصلاح هذه تدخل في سياق إقليمي أو متعدد الأطراف، وبالتالي فك الارتباط سيكون له عواقب سلبية وسيعرضه (البلد المتراجع) إلى إجراءات مضادة لها تبيعات مالية وسياسية مهمة .

والتجمع الإقليمي الذي يضم دول المغرب العربي، من شانه أن يبعث بإشارات تفيد أن دول الاتحاد جادة وملتزمة بالإصلاح، خصوصا إذا كانت منفتحة وبشكل جدي ومستمر على المدى الطويل في تنفيذ سياسات منفتحة على الخارج، وبالتالي ستكون النتيجة زيادة الاستثمار وزيادة الثقة باقتصاد المنطقة.

ب- زيادة القوة التفاوضية

إن تفعيل التكتل المغاربي لا من شأنه أن يزيد من القوة والتأثير التفاوضي لهذه الدول، ليس فقط في مجال التجارة والاقتصاد، بل أيضا في الشؤون والمجالات السياسية فتأثير أي دولة من دول الاتحاد بمفردها يبقى محدودا بطبيعة الحال، حيث أنه لا يحدث أي فارق في محطة المفاوضات متعددة الأطراف، أما في الحالة التي يتحد فيها دول الاتحاد داخل تكتل واحد قوي ، فإنه من الصعب تجاهل موقفها الجماعي في عدد من الموضوعات أثناء المفاوضات الثنائية لهذا التكتل، بذلك تصبح قادرة على طلب مساعدات فنية وغيرها من "منظمة التجارة العالمية" وغيرها من المؤسسات الدولية، بما فيها البنك العالمي، وهذه المساعدات يمكن أن تجنبها مخاطر تطبيق الالتزامات الدولية المترتبة على عاتقها بموجب اتفاق "منظمة التجارة العالمية"، وكذلك بموجب الاتفاقات المتعلقة بالشراكة الأورو متوسطية.

وعلى العموم يمكن لدول إتحاد المغرب العربي أن تستفيد من هذه الاتفاقات الأخيرة شريطة تشكيل تكتل اقتصادي إقليمي يلتزم بانتهاج سياسات منفتحة على الخارج سواء في التجارة أو في الاقتصاد، لذلك فالتحدي الحاسم الذي يواجه واضعي السياسات في هذه البلدان، خاصة في ظل هذه المتغيرات الجديدة التي تطبع العالم العربي، هو العمل على وضع السياسات وفق مبادئ النظام التجاري المتعدد الأطراف، و بالتالي سينعكس ذلك على قدرتها التنافسية (الدول المغاربية)، وكذا تحسين قدرتها على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، وذلك كله في سبيل الرقي بالاقتصادات المحلية لهذه البلدان وتحقيق نوع من التنمية المستدامة .

ثم من جهة أخرى ندعو المسؤولين الى بدل المزيد من المجهودات الدبلوماسية في سبيل تقريب وجهات النظر مع الجارة الجزائر لأجل فض الخلاف وفتح الحدود وإعادة ضخ دماء جديدة في مشروع الوحدة المغاربية والسير نحو تشكيل تكتل اقتصادي ، خاصة في ظل المتغيرات الجديدة وسقوط نظام كل من القذافي و بنعلي وتولي حكومات ديمقراطية منتخبة سدة الحكم، وفي ما بعد لما لا السير نحو تشكيل تكتل سياسي و اتحاد كونفدرالي قوي ـ

المراجع :

-انظر وثيقة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، الصادرة من الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، وبشؤون اتحاد المغرب العربي، سلسلة روح مراكش بتاريخ 1991 (الدورة العادية الأولى رئاسة اتحاد المغرب العربي، منعقد بتونس 21/22/23 يناير 1990).

-انظر الوثيقة الصادرة عن الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان وشؤون الاتحاد، سلسلة روح مراكش (الدورة العادية الثانية لمجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي المنعقد بالجزائر بتاريخ 22/23/07/1990.

-كمال عبد الإله: "مشروع الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي"، مجلة الوحدة، العدد 53 فبراير 1989، الطبعة الخامسة.

-الفيلالي مصطفى: "المغرب العربي الكبير، نداء المستقبل "، عن مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، سنة 1989.

-البيانات الختامية الصادرة عن مجلس رئاسة اتحاد المغرب العربي، الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، (الدورات الست الأولى)، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، بدون تاريخ.

-بنصديق الحسين: "مشروع منطقة التبادل الحر المغاربي في ظل النظام التجاري العالمي"، ندوة حول الأسواق العربية في النظام العالمي الجديد، جمعية الاقتصاديين المغاربيين واتحاد المغرب العربي للاقتصاديين، نظمت بتاريخ 30 شتنبر 1995 ، بالرباط.

-امحمد المالكي: "اتحاد المغرب العربي"، قراءة أولية في نص المعاهدة، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 13 سنة 1990، كلية الحقوق مراكش.

-لعلو فتح الله": المشروع المغاربي والشراكة الأورو متوسطية"، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، السنة 1997.

-المكليف محمد: "المغرب ومنظمة التجارة العالمية"، رسالة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس أكدال- الرباط، الموسم الجامعي: 20004-2005 .

-عبد الحميد ابراهيمي: "المغرب العربي في مفترق الطرق في ظل التحولات العالمية"، بيروت، دراسات الوحدة العربية، 1996.

-ميلود مفتاح الحراثي: "الاندماج الاقتصادي المغاربي في القرن 21 مقترحات من أجل تطبيق منهج الاعتماد المتبادل بين المركز و المحيط واستكشاف آفاق جديدة لنظام اقتصادي إقليمي عربي"، مجلة المستقبل العربي، العدد 987 دجنبر 2004.

-محسن يوسف: "المراقبة السياسية للنشاط المالي للحكومة"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ف القانون العام والعلوم السياسية، كلية الحقوق أكدال ، جامعة محمد الخامس الرباط ، الموسم الجامعي :2006-2007 .

-صباح عيوش : "الوطن العربي ومنظمة التجارة العالمية"، مجلة المستقبل العربي، العدد 282 ، السنة 2006 .

-فاطمة الحمداني :"السياسة الجمركية و إشكالية المبادلات التجارية بالمغرب" ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية الحقوق أكدال-الرباط ، جامعة محمد الخامس الرباط ، الموسم الجامعي: 2004-2005 .

-Mohamed Touita : « L’Union Du Maghreb Arabe 1989- 1995), Imprimerie, Najah el Jadida, Casablanca, 2006.

-Rainelli Michel, « La Négociation Commerciale et Financière Internationales», Collection : Approfondissement de la connaissance économique, Publié avec le concours du C.N.R.S.

-Tiano André : ‘’ Le Développement économique Du Maghreb’’, Collection, presses Universités des finances, 1998.