فن وإعلام

عبد الكريم الكتاني: إنها حالة حرب

إنها حالة حرب/
اشتقنا لنسمة البحر في الصباحات.
اشتقنا للمشي حفاة على رمله.
اشتقنا لملحه وشمسه.
اشتقنا لمده وجزره.
اشتقنا لرقصات موجه.
الحجر تجربة سجنية بامتياز.
عطلت حرية الإنسان، وعطلت مجرى الحياة.
سلمتنا الكورونة إلى دفاتر الذكريات، وإلى ألبومات الصور. فرضت علينا الإقامة في عوالم الافتراض.
جعلتنا أكثر التصاقا بالنوافذ والشرفات.
وفي الحالات القصوى التي تتطلب الخروج، نحمل تراخيص، ونخرج كما لو أن بنادق مسددة نحو الرقاب.
نقضي أغراضنا الضرورية والملحة في أسرع وقت ممكن، ونعود إلى إقامتنا الجبرية، محاولين طمس معالم خروجنا باغتسال وتطهر، خوفا من عدوى محتملة لا يعرف الإنسان كيف التصقت به، ولا من أي كائن حي أو ميت حملها معه.
لقد فرضت هذه الوافدة اللعينة نظاما قيصريا، وقسريا يجب التقيد به، سواء في تعاملنا مع الأفراد، غرباء كانوا أم أقرباء، من الأسرة الكبيرة، أو الصغيرة، أم في تعاملنا مع الأشياء، وكل محاولة للخروج عنه، تقود صاحبها إلى ما لا يحمد عقباه.
رفعت درجات اليقظة والانتباه إلى أعلى المستويات، مع التقيد بالتعليمات وآخر الأخبار الواردة من القيادات العليا والسلطات.
إنها حالة حرب. 
الكل فيها مجند، والكل فيها مهدد.
والعدو قوي متطور، تحدى إنسان القرن الواحد والعشرين، وجعله في صراع مع الوقت لتجاوز حالة العجز أمام هذا الوباء الفتاك، بالرغم مما وصل إليه من تقدم علمي، وتكنولوجي، ومما راكمه من خبرات، ومما ينشط فوق الأرض من عظماء الخبراء، وعظائم المختبرات!
وها نحن ننتظر جهود العلماء، علها تصل إلى اكتشاف المصل الفعال، أو يد الطبيعة تنتصر على الفيروس اللعين، وتجعله في خبر كان.
عبد الكريم الكتاني
تامسنا_ 23_05_2020