على باب الله

قدوة حسنة...

المصطفى كنيت

قدّم الملك محمد السادس، القدوة الحسنة، ليس انطلاقا، من المهام والمسؤوليات والصلاحيات، التي يخولها له دستور المملكة، ولكن، من منبع حسه الوطني والإنساني.

ومنذ بداية انتشار وباء "كورنا" اتخذ الملك سلسلة من القرارات الجريئة، تثبت أن المواطن، كان دائما وسيبقى، في صلب اهتمامه، من خلال إغلاق الحدود، وإعلان حالة الطوارئ الصحية، و إحداث صندوق لتوفير الاعتمادات المالية الضرورية لمواجهة الجائحة، ساهم فيه، من حر ماله، بمبلغ كبير جدا ( 200 مليار سنتيم)، و ما رافق ذلك من قرارات تصب في اتجاه ضمان القوت اليومي للمستخدمين والعمال في المقاولات المتضررة التي توقف نشاطها كليا أو جزئيا، والأسر التي تدبّر قوت يومها من القطاع غير المهيكل، الحاملة لبطاقة "الرميد" وغير المتوفرة عليها.

وتوج الملك هذا المجهود الكبير إزاء شعبه بالعفو عن آلاف السجناء، وفق شروط محددة، لا لُبس عليها، راعت في المقام الأول، الحالات الإنسانية ( الشيوخ، المرضى، النساء... وذوي الاحتياجات الخاصة) مع تقييد ذلك بحجر صحي، وفق البرتوكول المتبع في للوقاية من انتشار الوباء.

و استحق الملك محمد السادس، على هذه القرارات، إشادة دولية، و احتراما وتقديرا داخليا، زادا في توثيق عرى المحبة والإخلاص بين العرش والشعب.

و أخرست القرارات الملكية، كل أولئك، الذين ظلوا يبخسون جهود الدولة، بعد أن أظهر كل أبنائها وبناتها انخراطا صادقا في تنزيل التعليمات الملكية على أرض الواقع.

كما بعثت، تلك القرارات، الأمل في تجاوز الأزمة، والحد من الخسائر التي تخلفها أية جائحة.

و صعد إلى الصفوف الأمامية، أصحاب الوزر البيضاء، وأعوان و رجال الإدارة الترابية، والقوات المسلحة الملكية، جيشا ودركا، والأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية، من دون أن نغفل عناصر النظافة، و أبلوا البلاء الحسن، في هذه المعركة، غير أبهين بالمخاطر المحدقة التي قد يصيبهم بها عدو خفي.

و شاهدنا أطباء و رجال أمن و موظفي شرطي، يجهشون بالبكاء، وقد بحت أصواتهم، لإقناع المواطنين بخطورة الوضع، وضرورة الالتزام بحالة الطوارئ الصحية.

و أظهرت فئات عريضة من المجتمع انخراطها في هذا المجهود، رافضة الاختباء في منازلها، وأنفق الكثيرون مما لديهم لإيصال لقمة أكل للأفواه المفتوحة لأبناء الطبقات المعوزة.

و في عز هذه "الأزمة" شرع المغاربة في بناء وطن جديد، يعيد الاعتبار لقيم المواطنة، بعيدا عن الرياء، و يؤسس لقيم التضامن، التي كدنا نفتقدها.

و أزهقت الجائحة أرواح رجال أعمال وأطباء وأساتذة ومهندسين و مواطنين رحمهم الله جميعا.

وفي خضم ذلك سكتت أصوات "الرقاة" و"الدجالين" و "المشعوذين" وبائعي الرقى والتمائم، والذين يستعملون الدين لأغراض أخرى، كما لاذ بالصمت، كل أولئك الذين كانت لهم أجندة تروم تشويه المجهود الذي بذله المغرب في مجال حقوق الإنسان، وضمان حرية الرأي والتعبير.

وكما يقول المثل العربي الفصيح: " رب ضارة نافعة"، فقد أعادتنا الجائحة إلى الصفوف، و أصحبنا صفا واحد، في خندق واحد، نضع المتاريس لإيقاف انتشار الجائحة، وسيكون علينا، بعد ربح المعركة، أن لا نكتفي بعد الخسائر، بل أن نخوض معركة اقتصادية  أكثر ضراوة.

والحمد لله أن أبناء المغرب نجحوا في ظرف قياسي في تصنيع الكمامات الطبية وآلات التنفس، ولن نكون بحاجة إلى استيرادها مستقبلا، فقط علينا أن نثق في أنفسنا، و نوفر شروط الخلق والابتكار.