فن وإعلام

في عز الوباء... صحافة التهويل تبحث عن النقرات

عبد العزيز المنيعي

بإطلالة خفيفة على كل المنابر الإلكترونية المغربية المواكبة "لكورونا" طبعا كل حسب نيته، لا يمكن للمتأمل العادي والعابر، إلا أن يطرح السؤال التالي:
هل هناك من الصحافيين من يبحث في ظل الجائحة عن عدد القراء وعدد النقرات واللايكات؟
ويتراكم السؤال ويتعاظم، ويتحول إلى صخرة سيزيف التي على بقية الصحافيين حملها، حينما يطرح السؤال نفسه بصيغة أخرى: هل يجوز اليوم ونحن في عز حرب ضد عدو خفي، يحصد الاخضر واليابس حولنا في العالم، أن نركز على الإثارة والعناوين "المخيفة"، من قبيل إغفال عدد المتعافين والتركيز فقط على عدد حالات الوفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا.
طبعا الجواب ضمني، وهو النفي المطلق والكلي، لمثل هذا السلوك البعيد عن الإنسانية قبل أن يكون بعيدا عن الموضوعية، وإمعانا في قتل التفاؤل لدى عموم القراء.
 الصحافي المهني عليه أن يقول الحقيقة بكل تأكيد... لكن عليه أن يركز في مثل هذه الحالات، على الاولوية الوطنية، والإنسانية، وعدم التهويل، وعدم الزج بالقارئ في ركن الخوف والهلع المظلم.
مناسبة هذا الحديث، هي ما نسجله من ملاحظات في عدد من المواقع الإخبارية، التي تركز بشكل متعمد على ما هو سلبي وتعمل على تضخيمه بعناوين مثيرة ومرعبة ومخيفة، يظهر معها المغرب كما لو كان يحصي ضحاياه بالآلاف لا قدر الله.
الملاحظة نفسها تكررت اليوم، مباشرة بعد تصريح وزارة الصحة اليومي، تسابقت تلك المنابر، لتضع لمستها على الحالة الوبائية، وتتحول إلى قلم كشر أنيابه في وجه القارئ المرتعب...
اليوم تضمن تصريح وزارة الصحة، خبرا مميزا مفرحا نوعا ما، حيث تم شفاء  10 حالات، في مقابل ذلك تم تسجيل وفاة ثلاث حالات، رحم الله أصحابها ورحم كل من فقدناه في هذا الوباء.
ورغم ذلك تجد عباقرة التهويل، وصحافة الجحيم الباحثة عن نعيم النقرات، ركزت بشكل متعمد على حالات الوفاة، مع الإشارة وسط الخبر لحالات الشفاء.
لنكن صرحاء... هل يظن أصحاب هذه العبقرية "المهنية" التهويلية، أنهم بمثل هذا السلوك "الأصفر" يحققون السبق، أو يحققون أرقاما قياسية في نسبة القراء؟ هل يظنون فعلا انهم يجنون شيئا من ذلك؟
الحقيقة أن المغاربة ومعهم العالم بأسرة في حاجة اليوم إلى الخبر الموثوق بكياسة وليس بالصراخ والعويل، وإدخال المزيد من الخوف إلى قلوب تعيش الالم والأمل.
تمهلوا... فالوقت ليس وقت البحث عن النقرات وأعداد القراء ونسب المشاهدة... الوقت للتضامن بالخبر اليقين والتفاؤل الموضوعي، عن طريق إعطاء كل ذي حق حقه... وبحسبة بسيطة فعشرة كرقم أسبق من ثلاثة... والله أعلم..