تحليل

لديب و متعة "بين لقصور"

فؤاد زويريق ( ناقد سينمائي )

من أجمل الشخصيات الدرامية الشعبية التي أتابعها شخصيا في هذا الموسم الرمضاني، شخصية ''الكبيرة'' في مسلسل ''بين لقصور'' التي تؤديها الفنانة المغربية سعدية لديب، وشخصية ''حمدية'' في مسلسل ''أعلى نسبة مشاهدة'' التي تؤديها الفنانة المصرية انتصار .

 هما عملان مختلفان شكلا ومضمونا بطبيعة الحال، وهناك اختلاف أيضا في الخط الدرامي للشخصيتين معا، لكن يبقى تكوين وتركيب الشخصيتين متقارب، كشخصيتين تنتميان الى بيئة شعبية حاضنة لثقافة وأعراف معينة تعكس روح وعمق الأصالة في المجتمعين المغربي والمصري.

التشخيص القوي والمتميز للفنانتين سعدية لديب، وانتصار، يجعلك تعيش متعة اكتشاف الأم والجارة والصديقة -والزوجة بالنسبة لانتصار- ابنة الدرب والحارة الأصيلة التي تتعايش مع الكل، والقريبة من الكل، تحاول احتضان أبنائها وحل مشاكلهم بما لديها من حب وعاطفة ومشاعر طيبة ووعي فطري مكتسب من الخبرة والتجربة والثقافة الشعبية، لا من التعليم والدراسة، ممثلتان مبدعتان، فسعدية لديب أعرف تشخيصها وموهبتها التي أبانت عليهما في كثير من أعمال، وأيضا انتصار فرغم اختياراتها التي لا تعكس غالبا مستوى موهبتها الحقيقية، لكنها تبقى ممثلة كبيرة وفي مسلسل ''أعلى نسبة مشاهدة'' أبانت عن حنكتها وقدراتها الاستثنائية المتميزة في فن التشخيص.

طبعا أنا هنا لا أقارن، فهو مجرد انطباع ورأي حول مدى إعجابي بالأداء، واستمتاعي بتركيبة الشخصيتين، وتفاصيلهما المتعلقة بالشكل الخارجي والعمق الداخلي،  وحضورهما القوي والوازن في صنع الحدث، أو لنتركها مقاربة عابرة بسيطة أكثر منها مقارنة،  فلا تصح المقارنة بين ممثلتين تؤديان شخصتين من مجتمعين مختلفين رغم تقاربهما،  فلكل شخصية منهما ميكانيزماتها ومفاتيحها وأدواتها الخاصة، ولكل ممثلة أيضا كاريزما معينة، واستراتيجية خاصة في تناول أبعاد الشخصية، وقد وفقت وأبدعت كل واحدة منهما في دورها بشكل رائع ومتميز بدون مساحق ولا تجميل ولا تصنع، فبغض النظر عن اختلاف القصة والحبكة...الخ إلا أن تقارب الشخصيتين كما قلت، والتشخيص البديع يجعلانك تستمع مع كل ضغطة زر من عمل الى عمل ، وشخصية الى شخصية وكفى.